مقالات

هشام الهلوتي يكتب: السادة الأطباء.. ارحموا من فى الأرض

جاء صوت الإعلامية الكبيرة متعباً على إثر عملية جراحية أجرتها مؤخراً بالكتف وطمأنتنى خلال مكالمة هاتفية أنها ولله الحمد بدأت تتماثل للشفاء، ولكن الغريب أننى وجدت الإعلامية التى تربطنى بها صداقة قوية منذ حوالى ثلاثين عاماً لأول مرة تشكو من غلاء الأسعار رغم أنها بفضل الله ميسورة الحال.

الشكوى لم تكن من الارتفاع الجنونى للزيوت أو اللحوم والأسماك والدواجن والبيض والدقيق، أو اختفاء الأرز وهو الحديث الدائر بين كافة الناس فى كل الاوساط، ولكن شكوى الإعلامية كانت من قيمة الكشف عند الطبيب المعالج التى بلغت ١٣٠٠ جنيه وهو بحسب وصفها أجر مبالغ فيه جدا وغير مبرر على الإطلاق لدرجة أنها وجهت له عتاباً مباشراً وسألته عن سبب ذلك؟، فأجابها بأنه اضطر لرفع قيمة الكشف للحد من عدد المرضى المترددين على عيادته، وبذكائها المعتاد كمحاورة قديمة ردت عليه.. يعنى الفقير ليس له مكان عندك!

طبعا الطبيب الذى رفع أجره خمسمائة جنيه مرة واحدة، أضاف أيضاً خمسمائة مماثلة عند الاستشارة وطبعاً اللى مش عاجبه الباب يفوت جمل.

هذا الطبيب نموذج لعدد غير قليل من الأطباء الذين تناسوا أن الطب هى مهنة إنسانية فى المقام الأول وليست مصدرا للترف والثراء، وللأسف الشديد أن أعلى الأسعار مرتبطة بأخطر الأمراض وخاصة الأورام والقلب، فهناك بعض أطباء أورام تصل قيمة الكشف لديهم إلى أربعة آلاف جنيه، وهناك أطباء قلب تتراوح قيمة الكشف لديهم ما بين خمسمائة إلى ألفى جنيه.

يحدث هذا فى ظل غياب الدور الرقابى لوزارة الصحة ونقابة الأطباء على العيادات الخاصة وهما الجهتان المنوط بهما مراقبة هذه الحالة من جشع بعض الأطباء واستغلال أوجاعهم فى تحقيق ثروات طائلة.

ونذكر هنا أنه كانت هناك محاولات برلمانية منذ حوالى ست سنوات لضبط أسعار الكشف بالعيادات الخاصة والسيطرة على حالة الانفلات أيام وزير الصحة الأسبق أحمد عماد، وكانت هناك لائحة أسعار استرشادية تراوحت بين 600 جنيه للكشف عند الأستاذ الجامعى، و400 جنيه للكشف عند الطبيب الحاصل على الدكتوراه و200 جنيه للكشف عند الأخصائى و100 جنيه للكشف عند الطبيب الممارس، مع منح المريض فاتورة أو إيصالاً بقيمة المبالغ التى سددها، ولكن هذه اللائحة ذهبت أدراج الرياح.

ولذلك أنا لا أطالب بفتح هذا الملف مرة أخرى فى البرلمان لأن علاقة الطبيب بالمريض علاقة إنسانية فى المقام الأول، بل أناشد السادة الأطباء مراعاة الظروف الاجتماعية وموجات الغلاء التى قهرت المواطنين.. ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى