مقالات

الخبير المصرفي خالد عمران يكتب: ” تعزيز الاستثمار في مصر: فرصة تاريخية في ظل التوترات التجارية “

في ظل استقرار سعر الصرف حاليًا، وانخفاضه تاريخيًا ، ووجود البنية التحتية لتعزيز بيئة الاستثمار، تتاح لمصر فرصة استثمارية فريدة للاستفادة من التوترات التجارية الدولية الحالية، خصوصًا بين الولايات المتحدة والصين. في هذا السياق، يمكن لمصر أن تكون بوابة تجارية واستثمارية مثالية بفضل موقعها الجغرافي الذي يربط بين أفريقيا وأوروبا وآسيا.
لذا، أود أن أعيد اقتراح كنت قد طرحته منذ حوالي خمس سنوات في أحد البرامج التلفزيونية عند استحقاق سندات قناة السويس . حيث يمكن للحكومة، سواء بشكل مباشر أو عبر القطاع الخاص ، الاتفاق مع كبرى الشركات المصنعة العالمية في مجالات السيارات والملابس والهواتف المحمولة وغيرها بمنحهم أراضي حق الانتفاع بعائد بسيط، وتقديم إعفاءات ضريبية وجمركية كاملة لمدة خمس سنوات ، ومشاركة الحكومة بنسبة تتراوح بين 30% إلى 50% لتمويل إنشاء البنية التحتية والمرافق والانشاءات اللازمة. ولتمويل هذه النسبة دون ان تتحمل الحكومة أي التزامات مالية، يمكن إصدار سندات بالجنيه والدولار تُطرح على المصريين في الداخل والخارج بعائد مناسب على غرار ما تم في تمويل توسعة قناة السويس. ويجب ان ترتبط الحوافز الممنوحة للمستثمر بمؤشرات أداء رئيسية (KPI) محددة ، مثل توفير عدد معين من فرص العمل، وتدريب ورفع كفاءة العمال، وتحقيق إنتاجية وعائد دولاري محدد ومتابعة تحقيق هذه المؤشرات مع الإدارة لاستمرارية العمل بالحوافز والإعفاءات الممنوحة. ويمكن أن تكون هذه السندات قابلة للتحويل إلى أسهم ملكية في الشركة، وكذلك العمل علي إدراج الشركة في البورصة المصرية خلال ثلاث سنوات، مما يوفر الشفافية والحوكمة للمساهمين والدائنين ، وبعدها تقوم الحكومة بالتخارج من المشروع بعد تحمل مخاطر التأسيس، وإعادة بناء هذا النموذج في قطاعات اخري صناعية وزراعية وخدمية.
ومن المهم أن لا ينظر متخذ القرار فقط الي تلك الإعفاءات والحوافز كفرصة ضائعة ، بل إلى القيمة المضافة لتلك المشاريع ، مثل تقليل نسبة البطالة، ورفع كفاءة العمال، وتوطين الصناعات، ونقل الخبرات الأجنبية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وزيادة حصيلة الصادرات، وتحسين الميزان التجاري وزيادة الناتج المحلي مما يعزز استقلالية الدولة الاقتصادية. كما أن هذه الاستثمارات الأجنبية ستتيح لرجال الاعمال المصريين فرصة إقامة مشروعات وخدمات مكملة للصناعات الرئيسية ، وتمنح أصحاب المدخرات بدائل لاستثمار أموالهم بدلا من التركيز فقط علي الاستثمار العقاري او الاستثمار خارج المنظومة والذي ادي الي وجود ظاهرة “المستريح” في مدن وقري مصر.
في الختام، تمتلك مصر مستقبلًا واعدًا في مجال الاستثمار. إذا تم استغلال هذه الفرصة التاريخية من خلال توفير بيئة مناسبة للاستثمار وتحقيق تعاون فعال بين القطاعين العام والخاص، سيساهم ذلك في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية والتنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى