مرفت عبد الدايم تكتب: الايجار القديم وسماسرة العقارات!!

بداية لا يختلف اثنان على أن هناك العديد من الأسر ذات الدخول المحدودة والمحدودة جدا كمان يعيشون حالة من الهلع والتوتر، ويضعون أيديهم على قلوبهم من مشروع قانون الايجار الجديد (المقصلة التي ستقطع اعناقهم وتدمر أسرهم ما لم يتوفر البديل)..
نعم يا سادة ملايين من الاسرة معرضة للتشريد والهلاك إذا ما أقر مشروع القانون من قبل مجلس النواب ما لم يكن هناك حل جذري يخفف من معاناتهم وخوفهم من المستقبل المجهول الذي ينتظرهم وينتظر أسرهم.. خاصة الفئات من أصحاب المعاشات المتدنية والتي لا تتعدى خمسة آلاف جنه.
واحقاقا للحق وحتى نكون منصفين.. هناك فئة أخرى من المستأجرين انتعشت أحوالهم المادية على مر السنين وباتوا من أصحاب الشقق والعقارات إلا أنهم متمسكون بالوحدات المستأجرة، ويخربون على غيرهم ممن لا مأوى لهم سوى تلك الوحدات المستأجرة، وفي الكثير من الأحايين تكون تلك الوحدات مغلقة دون استخدام، وفي المقابل أيضا نجد صاحب العقار الذي يعاني هو أيضا من ضنك العيش ومواجهة جشع التجار معدومي الضمير، وهستيريا ارتفاع الأسعار في كل شيء مثله مثل أي مواطن آخر.
لذا نحن أمام معضلة .. ظلم في كل الحالات.. سلاح ذو حدين.. ظلم للمالك وظلم للمستأجر.. بمعنى إن إقرار مشروع القانون يعني ظلم فئة لا يستهان بها من المستأجرين، واذ لم يقر أيضا ظلم لفئة كبيرة من الملاك.. لذا الأمر بحاجة الى إعادة نظر ودراسة وافية مع توفير الحلول قبل التنفيذ.. بمعنى ان على الدولة أن توفر البديل المناسب للمستأجرين وبطرق سداد تتناسب ودخولهم المتدنية للغاية والتي لا تكفي أساسا لتلبية متطلباتهم فما بالك بعد إقرار القانون؟!!.
ويحضرني هنا المشاريع الاسكانية التي أطلقتها الحكومة المصرية منذ العام 2014 وتضم ثلاث أنواع من المشاريع تتمثل في الإسكان الاجتماعي والمتوسط والفاخر.
وما يهمنا هنا هي مشروعات الإسكان الاجتماعي الذي يهدف إلى توفير المسكن الملائم للفئات ذات الدخول المنخفضة بأسعار ميسرة تناسب دخول المستفيدين، من خلال توفير وحدات سكنية كاملة التشطيب وتتراوح مساحتها من 75 إلى 90 م2 بسعر التكلفة فقط.
وإذا ما تناولنا مشاريع الإسكان الاجتماعي للفئات ذات الدخول المنخفضة، سنجد ان الدولة نفذت بالفعل منذ العام 2014 وحتى العام 2023 نحو 471 الف و160 وحدة سكنية، وفقا للموقع الرسمي لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية سواء في المدن الجديدة أو القديمة.
وهناك أيضا مشاريع الإسكان المتوسـط – سكـن مصر ودار مصــر والمخصصة لذوي الدخول المتوسطة ليوفر وحدات سكنية تتراوح مساحتها من 100 الى 150 متر، بأنظمة سداد متنوعة على فترات طويلة لتمنح كل مواطن الحق في عيش حياة كريم، وأيضا مشاريع الإسكان الفاخر، ولن استفيض في إيضاح تفاصيلهما.
مع العلم ان تلك المشاريع لم تتوقف حتى الآن وقد يتعدى ما تم تنفيذه نحو 5 مليون وحدة تخدم على الأقل 20 مليون فرد من أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة اذا ما اعتبرنا ان كل أسرة تتكون من 4 أفراد..
لكن.. وأه من كلمة لكن.. فالشواهد تشير الى وجود تجارة عقارية رابحة في المشاريع الحكومية أبطالها السمسار والكحول، نتج عنها ارتفاع غير مبرر في أسعار العقارات، بمعنى ان يقوم مواطن (مدفوع) بتقديم طلب للحصول على وحدة في الإسكان الاجتماعي او غيره من المشاريع عند طرحها، وفور الموافقة على الطلب يقوم ببيع الايصال للسمسار الذي يقوم بدوره بعرض الوحدة للبيع ب(أوفر) مليون جنيه أو أكثر أو أقل.. وحدث بلا حرج.. ويظل المستأجر الذي أعطته الحكومة وحدة سكنية في وحدته المستأجرة .. وترتفع أسعار الشقق بلا مبرر، وتستفحل الهوة، والقضية متشعبة تقودها (مافيا العقارات) وتحتاج لرقابة عالية الدقة من الدولة وإحكام قبضة الأجهزة الرقابية، وقد يتطلب الأمر إضافة فقرة جديدة في مشروع قانون الايجار القديم تنص على عدم فسخ العقد إلا في حالة واحدة .. إذا حصل المستأجر على شقة من الدولة أو ثبت أنه يمتلك شقة أخرى..
يا سادة يا كرام .. يا حكومتنا الرشيدة.. وفروا البديل قبل إقرار مشروع القانون.. وفروا البديل بشروط تحكم العملية وتمنع إعادة بيع الشقق.. وفروا البديل لمن يستحق .. المواطن المصري المكافح المثابر الذي يواجه صعوبة الحياة وضنك العيش يحتاج الى الدعم والمساندة والنظر إليه بعين الرحمة والرأفة.. وتحديدا الأكثر احتياجا.. نعم المواطن الذي أفنى عمره في خدمة الدولة ومعاشه لا يتعدى خمسة آلاف جنيه بحاجة الى النظر اليه بعين الرحمة والعدل والانصاف.. الحل ليس فقط بكثرة المشاريع الاسكانية.. وإنما بسن القوانين التي تمنع مافيا العقارات من دهس المواطن المطحون.. لابد من إحكام القبضة على سماسرة العقارات حتى لا يكونوا دولة داخل دولة.
ياسادة.. العدالة الاجتماعية مطلوبة وكفاية تهميش للإنسان المصري المكافح.
دمتم بخير…
الكاتبة الصحفية: مرفت عبد الدايم