“ما كتبه الله لا يُمنع”.. رحلة حج تتحول إلى معجزة في مطار سبها

لم يكن يعلم الحاج الليبي عامر المهدي منصور القذافي أن رحلته إلى الأراضي المقدسة ستتحول من مجرد سفر لأداء مناسك الحج، إلى قصة إنسانية غير مألوفة تُروى في مطارات العالم، وتُستشهد بها على أن الإيمان بما كتبه الله قد يصنع المعجزات.
في صباح هادئ بمطار سبها الدولي جنوب ليبيا، حضر الحاج عامر ضمن فوج الحجاج المسافرين إلى المملكة العربية السعودية، بعد أن أتم استعداداته واستكمل كافة أوراقه، وتهيأ قلبه وعقله لرحلة العمر.
أنهى إجراءاته الرسمية كغيره من الحجاج، لكن وقبل لحظات من صعوده إلى الطائرة، أوقفه رجال الأمن بسبب “مشكلة بسيطة في الاسم المدون بجواز السفر”.
كانت لحظة قاسية، رأى أمامه الطائرة التي طالما انتظرها، ولم يُسمح له بصعودها.
وبينما انهمك رجال الأمن في محاولة لتدارك الأمر، بدأت الطائرة في التحرك على مدرج المطار، ثم أقلعت بالفعل نحو مطار الملك عبد العزيز بجدة، بينما بقي عامر جالسًا في صالة الانتظار، تغلبه الدموع، لكنه لم يفقد الأمل، مرددًا بينه وبين نفسه: “ما كتبه الله لا يُمنع”.
مرت دقائق قليلة فقط، ثم بدأت المفاجآت. الطائرة التي غادرته للتو عادت فجأة إلى المطار فنيًا، وقع عطل مفاجئ أجبرها على التراجع والهبوط اضطراريًا. بدأ الأمل يشتعل مجددًا في قلب الحاج عامر، ظنّ أن هذه فرصته، وأن الطائرة عادت من أجله.
لكن المفاجأة الثانية كانت أن قائد الطائرة رفض إنزال السلم أو فتح الأبواب، وعاود الإقلاع مجددًا، دون أن يُسمح لعامر بالصعود.
ولأن الإصرار والإيمان لا يعرفان المستحيل، كانت هناك حلقة ثالثة في هذا المشهد المذهل، لم تبتعد الطائرة كثيرًا، حتى واجهت عطلًا جديدًا، هذه المرة في نظام الكبح، ما أجبرها على العودة مجددًا إلى مطار سبها، وسط دهشة الركاب وتعليقات العاملين بالمطار الذين بدأوا يتداولون القصة بين بعضهم بدهشة: “هل هذه الطائرة سترحل فعلاً دون عامر؟”.
في تلك اللحظة، تدخلت كافة الأطراف المعنية، وسُمح للحاج عامر أخيرًا بالصعود على متن الطائرة، كانت لحظة عاطفية، امتزج فيها التصفيق بالتكبيرات والدموع من زملائه الحجاج، الذين رأوا في ما حدث معجزة صغيرة، تُثبت أن النية الصادقة قد تفتح أبوابًا لا تفتحها الإجراءات.
أقلعت الطائرة أخيرًا، وهذه المرة كانت تحمل على متنها راكبها المنتظر، الذي أثبت للجميع أن الأمل قد يتأخر، لكنه لا يموت.
تداولت القصة وسائل الإعلام الليبية، وخصوصًا “إذاعة مصراتة”، التي أشادت بإرادة الحاج عامر، وأشارت إلى أن ما حدث تجاوز مجرد “عطل فني”، ليتحول إلى قصة وطنية وإنسانية عن الإصرار والثقة في عدالة السماء.



