مقالاتمقالات كتاب الموقع

علشانك يا مصر.. بقلم فوزي عويس: مجالس الحكماء القروية

مبادرات طيبة عديدة بتنا نقرأ ونسمع عنها ونراها بين الحين والآخر واقعا في بعض القرى خصوصا في صعيد مصر ، أتوقف في هذا المقال عند احداها وتحديدا في قريتي ” كفر شبرازنجي” بمركز الباجور محافظة المنوفية فقد فكر شاب مستنير يعمل مأذونا للقرية يدعي “محمد سعد” بالتعاون مع عمدة القرية النشط “عماد نصار” بالشروع في مبادرة مستلهمة من روح “الجمهورية الجديدة” وتتمثل في تشكيل مجلس لحكماء القرية ووضعا شروطا لهذا المجلس المكون من عشرة أشخاص يتم انتخابهم من قبل أسماء كثيرة تمثل رموزا لكل عائلات القرية بلا استثناء بحيث لايجوز  ترشيح أكثر من شخص من عائلة واحدة ليكون ضمن رؤساء جلسات التحكيم ، كما تم الدفع وهذا مهم جدا بعدد من خيرة شباب القرية ليكونوا أمناء سر لمجلس الحكماء .

اقرأ أيضاً.. علشانك يا مصر بقلم : فوزي عويس.. الكأس التي وحدت العرب .. شكرا “قطر”

هذا بالإضافة الي قائمة شرف تضم كوكبة من أبناء البلدة المعتبرين المقيمين خارجها سواء بالقاهرة أو غيرها يمكن الإستعانة بهم اذا ما استدعي الأمر ، وقد تم اعداد لائحة لإنشاء وتنظيم هذا المجلس بدأت بالاستشهاد بآيات من القرآن الكريم التي تحث علي الإعتصام بحبل الله تعالي ، وتأدية الأمانات الي أهلها وتحري العدل والتعاون في البر والتقوي والمجادلة بالتي هي أحسن ، كما تم تحديد الأهداف المرجوة من انشاء هذا المجلس وأهمها التخفيف عن كاهل القضاء بتقليل عدد القضايا المرفوعة اليه من بعض أبناء القرية أو التي يكون أحدهم طرفا فيها ، والمحافظة علي الروابط الإجتماعية والأسرية ، وتحقيق العدالة الناجزة بسرعة الفصل في النزعات دون اللجوء الي المحاكم علي أن تكون الجلسات العرفية بمثابة محكمة مكتملة الأركان ، وبحيث يلتزم الجميع بكلمة القضاء العرفي عند الفصل في أي نزاع ، واستشهدت ديباجة اللائحة برائعة الكاتب الراحل عبد الرحمن الشرقاوي “أتعرف مامعني الكلمة” ؟ أيضا حددت اللائحة اختيار المحكم أو أمين السر بحيث يكون من قائمة الحكماء وألا يكون قاصرا أو محجوزا عليه بحكم نهائي في جناية أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة وألا يكون محروما من ممارسة حقوقه المدنية أو السياسية ، وان يكون متمتعا بحسن السير والسلوك والسيرة الطيبة ، وبحيث لايكون المحكم قريبا لأحد الخصوم حتي الدرجة الثالثة أو يكون أحد شهود الواقعة محلا للنزاع ، وقد تضمنت اللائحة كذلك شروطا كثيرة خاصة بضمان السرية ومكان انعقاد الجلسة وصلاحية اللجنة في اختيار من تراه مناسبا في أي جلسة من قائمة الحكماء ، كما تطرقت الي كيفية سماع الشهود وغير ذلك من ضمانات صدور الحكم عادلا وتسليم صورة منه لطرفي النزاع موقعا عليها من رئيس الجلسة وأمين السر  ، وهذا كله لن يكون بالطبع في معزل عن الجهات الأمنية ، الفكرة بالطبع نبيلة وتستدعي التشجيع لتترسخ ويقتدي بها في بقية القري ، وأري في هذا المقام ألا يقتصر عمل المجلس علي محاولة فض النزاعات بل ينبغي أن يمتد ليواجه الظواهر والعادات السلبية وخصوصا علي صعيد الزواج الذي بات يأخذ أنماطا مزعجة خصوصا في ظل حالة الغلاء التي تضرب المجتمع وتستدعي بالضرورة تقنيين هذه الظواهر وتلك العادات لهدف الحيلولة دون انتاج كوراث منها علي سبيل المثال لا الحصر تزايد أعداد الغارمين بسبب المغالاة في الذهب والمهور ، وحسنا بدأت بعض القري في أخذ زمام المبادرة في هذه الجزئية فقد نشرت جريدة “الجمهورية” يوم الخميس الماضي أن رواد مواقع التواصل الإجتماعي في قرية “بني محمديات”  وعدد من قري محافظة أسيوط طرحوا مبادرة للتيسير علي الشباب المقبل للزواج تفاعل معها الآلاف من أهالي مركز “أبنوب” ، وتتضمن المبادرة الغاء بند شراء الذهب والاكتفاء بدبلة وخاتم في حدود عشرين ألف جنيها ، وعدم الإشتراط علي العريس بشراء 100 جرام كما جرت العادة بالقرية ، كما تضمنت المبادرة أن يقوم العريس بتجهيز شقة الزوجية حسب امكانياته ولا تلتزم العروس بشيء من ذلك الا حسب رغبتها ، وأن تأخذ العروس مبلغا من المال كمهر لشراء ملابسها وحاجاتها الخاصة من دون مبالغة خصوصا وأن الشريعة لم تحدد قيمة للمهر الذي يتحدد بالتراضي بين أهل العروسين ، كذلك لا تلزم العروس عريسها بحفل زفاف أو أجرة كوافير وتصوير وتترك هذه الأمور حسب قدرة العريس ، وعلي أن يتم كتابة ما يحفظ للعروس حقها سواء من خلال “القائمة” أو غيرها من الضمانات المتعارف عليها شرعا وقانونا .
أيها السادة : نحن في زمن مختلف الغلاء فيه يكوي الجميع وعلينا تشجيع مثل هذه المبادرات النبيلة تراحما في مابيننا وانسجاما مع كل الأديان السماوية التي تحض علي المودة والرحمة والسلام والوئام  .. والله من وراء القصد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى