مقالاتمقالات كتاب الموقع

طارق جعفر الوزان يكتب: رثاء.. وداعًا أخي الغالي “بو جميل”

بقلوب يعتصرها الحزن، وبنفوس يملؤها التقدير والعرفان، أكتب هذه الكلمات رثاءاً للمرحوم بإذن الله عبدالصمد العوضي، لا لأودّعك فحسب، بل لأخلّد ذكراك، ولأعبّر عن امتنانٍ صادق لرجلٍ استثنائي، ترك في قلوبنا أثرًا لا يُمحى، وفي مسيرتنا بصمة لا تُنسى.

لم تكن مجرد زميل أو صديق، بل كنت أخًا أكبر، ومعلّمًا حكيمًا، ومرشدًا ملهِمًا. كنت نموذجًا يُحتذى به في المهنية والإنسانية، في العطاء والصمت، في الحكمة والبساطة. بين أروقة منظمة أوبك، وفي فضاء الاقتصاد والطاقة، كنت شخصية فريدة، تشع وقارًا وعمقًا، وتفيض صدقًا وإخلاصًا.

على مدى أكثر من أربعة عقود من العمل الدؤوب، تنقلت بين القطاعين العام والخاص، حاملاً معك رؤية نافذة وخبرة متراكمة، لم تبخل بها يومًا على وطنك، ولا على الأجيال التي أتيحت لها فرصة العمل معك أو التعلّم منك.

كنت ركيزة في دعم أهداف منظمة أوبك، وصوتًا متزنًا يعكس حكمة الكويت ورؤيتها البعيدة. وفي مؤسسة البترول الكويتية، كان حضورك حاسمًا في صياغة التوجهات وقيادة المسارات خلال محطات فارقة من تاريخها.

لكن ما ميزك حقًا، لم يكن فقط ما أنجزته من مواقعك القيادية، بل ما زرعته في النفوس من قيم. كنت مؤمنًا بأن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان، فآمنت بالكفاءات الوطنية، واحتضنت المواهب الشابة، وأعطيت من وقتك وجهدك لتصقلهم وتدفعهم إلى الأمام. كنت لهم مصدر إلهام، وأبًا روحيًا علّمهم المعنى الحقيقي للالتزام والتواضع والتميّز.

لقد ساهمت في ترسيخ حضور الكويت في المحافل الدولية، وكنت واجهتها المشرّفة، تعكس روحها الهادئة وحنكتها الدبلوماسية.
وفي أصعب اللحظات، كنت تُجيد الإصغاء وتُحسن التقدير، فكنت جزءًا من الحل، وصوتًا للعقل.

ورغم كل ذلك العطاء، لم تغب عنك روح الإنسان. كنت راقيًا في فكرك، نبيلًا في تعاملك، تؤمن بالكلمة الطيبة، وتحترم الجميع، وتمنح من حولك طمأنينة وثقة لا تُقدّر بثمن.

غادرتنا جسدًا، لكنك ستبقى حيًا فينا: في ذكراك، في مواقفك، في حكمتك التي ستظل تضيء لنا الطريق. رحلت عن دنيانا، لكن إرثك سيبقى شاهدًا على حياة عاشها رجل عظيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

رحمك الله رحمة واسعة، وجعل مثواك الجنة، يا صديقي العزيز.

“إنا لله وإنا إليه راجعون.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى