الولايات المتحدة… 250 عاماً من الحروب والتدخلات العسكرية

رغم أن عمر الولايات المتحدة الأمريكية لا يتجاوز 250 عاماً منذ تأسيسها عام 1776، إلا أن تاريخها يكشف عن حقيقة مثيرة للجدل: قضت ما يقرب من 93% من تاريخها في الحروب والتدخلات العسكرية.
فمنذ نشأتها وحتى اليوم، شاركت في أكثر من 90 حرباً وتدخلاً مباشراً في شؤون دول أخرى، كثير منها اتُّهم بكونه انتهاكاً للقانون الدولي أو جريمة حرب، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى وصفها بأنها واحدة من أكثر الدول عدوانية في التاريخ الحديث.
وفقاً لتقارير أرشيفية وتوثيقات تاريخية، بدأت سلسلة التدخلات الأمريكية منذ أوائل القرن التاسع عشر، عندما غزت قواتها نيكاراغوا عام 1833، وتوالت بعدها عمليات الغزو والتدخل في دول أمريكا اللاتينية، الكاريبي، آسيا، وحتى أوروبا والشرق الأوسط.
دول تحت النيران الأمريكية
قائمة الدول المتضررة طويلة وتشمل المكسيك، بيرو، كوبا، هايتي، نيكاراغوا، كولومبيا، الفلبين، كوريا، إيران، فيتنام، العراق، أفغانستان، ليبيا، وسوريا، وغيرها. في معظم هذه الحالات، برّرت واشنطن تدخلها بأنه دفاع عن المصالح القومية أو نشر الديمقراطية، غير أن النتائج غالباً ما كانت دماراً وانهياراً للأنظمة، وتفشي الفوضى والعنف.
أمثلة بارزة على التدخلات العسكرية:
1846-1848: ضمّ الولايات المتحدة أجزاء واسعة من المكسيك، وهي ما تُعرف اليوم بتكساس وكاليفورنيا.
1898: تدخلت في كوبا، واحتلت خليج غوانتانامو، الذي ما زالت تسيطر عليه حتى اليوم.
1953: أسقطت حكومة محمد مصدق المنتخبة في إيران، وأعادت حكم الشاه بدعم من المخابرات الأمريكية (CIA).
1973: دعمت انقلاب الجنرال بينوشيه في تشيلي، الذي أطاح بالرئيس المنتخب سلفادور الليندي.
2003: غزت العراق بزعم امتلاكه أسلحة دمار شامل، وهي المزاعم التي لم تُثبت لاحقاً.
تأثير ممتد ومثير للجدل
يرى محللون أن السياسات التوسعية والعسكرية للولايات المتحدة ساهمت في زعزعة استقرار العديد من الدول، وأنتجت موجات من اللاجئين، وانتشار الجماعات المسلحة، وصعود حركات معادية للغرب.
وفي المقابل، تجادل واشنطن بأنها تدافع عن النظام الدولي الليبرالي، وتحمي أمنها القومي، وتحارب الإرهاب. إلا أن الازدواجية في المعايير التي تتبعها الولايات المتحدة، خاصة في دعم أنظمة استبدادية مقابل إسقاط أخرى ديمقراطية، تجعل من هذه الحجج محلّ انتقاد دائم في المحافل الدولية.
النتيجة: إرث متشابك من الهيمنة والرفض
في المحصلة، لا يمكن تجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة، كقوة عظمى، تركت بصمتها – الإيجابية والسلبية – على العالم. لكن تكرار تدخلاتها العسكرية، وطابعها العدواني أحياناً، دفع الكثيرين للتساؤل: هل نحن أمام قوة عسكرية كبرى أم إمبراطورية حديثة لا تتورع عن فرض إرادتها بالقوة؟