مقالاتمقالات كتاب الموقع
أخر الأخبار

حواري مع مفيد فوزي قبل 28 سنة.. ماذا توقع.. وماذا قال؟! بقلم/ أسامة جلال

#مفيد_فوزي #أسامة_جلال #الوطن #حديث المدينة #مصطفى أمين

“حديث المدينة.. ومصطفى أمين” عنوان مقال كتبته في جريدة الوطن الكويتية في سبتمبر عام 1994.. وذلك بعد مشاهدتي للبرنامج الذي قدمة الأستاذ الراحل عنا بالأمس مفيد فوزي.. وفي نفس يوم نشر المقال وبينما أجلس في مكتبي بجريدة الوطن رن جرس الهاتف.. (رن رن رن).

رفعت سماعة الهاتف وجدت صوت أحسست أنني أعرفه.

صوت: أستاذ أسامة جلال.

أنا: نعم.. تفضل.

صوت: أنا مفيد فوزي.

ارتبكت قليلا.. لم أكن أتوقع مثل هذه المكالمة.

أستاذ مفيد: أيوة يا أستاذ أسامة.. حضرتك معايا.. أنا مفيد فوزي.

أنا: أهلا أهلا أستاذ مفيد.. أزي حضرتك.. دي فرصة سعيدة جدا.. واهلا بيك.. أنا عرفت أن حضرتك في الكويت.

أستاذ مفيد: أيوة أنا في الكويت وقرأت مقالك “حديث المدينة.. ومصطفى أمين”.

أنا: يارب يكون بالمستوى المطلوب وعجب حضرتك.

أستاذ مفيد: عجبني جدا.. واتصلت بيك علشان أقولك حاجة واحدة بس.. “أنت معلم”.

أنا: معقو يا أستاذ.. دا أنا لسة بتعلم.

أستاذ مفيد: لا فعلا حقيقي.. أنت معلم.. مقال جميل جدا.. فند البرنامج والمحاور والضيف.. ولامس القارئ بشكل إنساني جدا.

أنا: دي شهادة اعتز بيها جدا يا أستاذ مفيد.. وبما أن حضرتك في الكويت.. ياريت أنول الشرف بإجراء حوار معك.

أستاذ مفيد: معنديش أي مانع.. بالعكس دا أنا اتشرف بيك.

أنا: تسلم يا استاذ.. ربنا يخليك.. أجي لحضرتك فين وأمتى.

أستاذ مفيد: الليلة.. في فندق الشيراتون الساعة 8 مساء.. أنا عندي لقاء اذاعي في غرفتي الساعة 7 وأخلص تقريبا بعد ساعة.. وأجري معك الحوار.

أنا: ده شرف عظيم يا أستاذ.. هكون موجود بإذن الله في المكان والموعد المحدد.

أغلقت سماعة الهاتف وأنا في غاية السعادة.. أخبرت مديرتي في العمل وقتها الكاتبة الكبيرة ليلى أحمد.. وقضيت بقية اليوم في العمل ثم توجهت للفندق لاجراء الحوار الذي كان حصاده ما هو في السطور التالية.

الراحل مفيد فوزي.. اتفقنا أو اختلفنا معه.. استاذ ومدرسة تعلمنا منها الكثير في عالم الصحافة.. محاور من الطراز الأول.. أحد أبرز الصحفيين من أبناء جيله.. (جيل العظماء).. له كاريزما خاصة.. ذهن حاضر.. قوة ملاحظة لا توصف.. وأذكر أن المقال الذي كتبته عن حديث المدينة ومصطفى أمين تناولت فيه الكثير من صفات المحاور والضيف.. عملاقين (مصطفى أمين ومفيد فوزي) أمتعونا حقا في تلك الحلقة.

وما أذكره أن مفيد فوزي فاجأنا في أخر البرنامج بإحصاءه لعدد المرات التي قال فيها الراحل مصطفى أمين كلمة الصبر.. حيث قال له لقد ذكرت كلمة الصبر إحدى عشرة مرة خلال هذا اللقاء فماذا يعني لك الصبر؟

لقد كانت تلك الحلقة ممتعة للغاية.. ما دفعني للكتابة عنها (بمزاج رايق) ورغم حداثة تجربتي الصحفية وقتها والتي لم تتعدى أربع سنوات إلا إنني اعتقد أنه كان مقالا يستحق القراءة والاعجاب بشهادة استاذ وعملاق مثل مفيد فوزي.

وداعا استاذ مفيد.. وداعا لمدرسة متميزة في عالم الصحافة العربية.. واترككم مع الحوار الذي اجريته معه قبل نحو 28 عاما.. ونشر في جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 15/9/1994م.

الوطن تحاور المبدع الصحفي والمحاور التلفزيون المتألق

مفيد فوزي

عشت طفولة قاسية وأحببت عدة فتيات في صباي ولم أصارحهن لسبب “شكلي الوحش”!!

جمعني بعبدالحليم حافظ بيض مسلوق وجبنة وفقر مدقع ومواهب فنية

أدخلني أحمد بهاء الدين الصحافة وأخرجني منها النظام الحاكم.. آنذاك

حاوره: أسامة جلال

أحد أبرز الصحفيين العرب ومن أكثرهم قدرة على إدارة الحوار.. مفيد فوزي الذي يتناول في حواراته القضايا الساخنة ويطرح المشكلات الهامة المثيرة للجدل وحديث الشارع العربي.. مفيد فوزي زار الكويت الأسبوع قبل الماضي لإجراء لقاء صحفي مع الشيخ صباح الأحمد وزير خارجية الكويت ليذاع هذا الحوار في برنامجه الناجح جدًا (حديث المدينة).. الوطن انتهزت فرصة وجود مفيد فوزي في البلاد وأجريت معه هذا اللقاء.

. سألناه عن بطاقة مفيد فوزي الشخصية فقال:

– اسمي أبوحنان من مواليد برج الجوزاء في 19 يونيو 33 أي اني عشت الثلاثين مرتين كما يقول أنيس منصور وان كنت أؤيد أحمد عبدالمعطي حجازي في قوله بل عشت العشرين ثلاث مرات.. مهنتي رئيس تحرير سابق لمجلة صباح الخير وحالياً رئيس تحرير برنامج حديث المدينة.. متزوج من السيدة أمال العمدة المذيعة في الإذاعة المصرية وتقدم برنامج صحبة وأنا معاهم.

.ما هي أسباب هذه الزيارة القصيرة للكويت؟

– لمحاورة الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية الكويتي لأهمية دولة الكويت في الوقت الحالي والتي لم تصبح حديث المدينة فقط بل حديث العالم كله بسبب الأحداث الأخيرة ومحاولة العراق للمصالحة مع الكويت والتحقيق في صحة ما نشرته الصحف وسيذاع هذا الحوار في برنامجي حديث المدينة.

. دائمًا ما تسجل حورات في برنامجك خارج القاهرة مع شخصية مسؤولة وأراك حريص على ذلك لماذا؟

– لأهمية هذه الشخصيات وأيضًا السفر من هواياتي.. ففي حياتي عشق لثلاثة أشياء أولها فيروز ثم السفر والكتابة فأنا أيضًا من عشاق الحرف والكلمة.. أما السفر فهو مرض حقيقي وتستطيع أن تسأل عني ضباط الجوازات في كل مطارات العالم فهم يعرفوني جيدًا.. أما فيروز فهي عشقي الكبير

.مفيد فوزي.. كيف أصبح هذا الإسم لامعًا؟

– عشت مرحلة طفولة تعيسة جدًا.. فلم أمتلك لعبة في طفولتي وكان والدي قاسيًا يمنعني من الخروج من المنزل إذ اخطأت فعانيت القسوة وهذا ما أكسبني الصلابة.. وفي صباي كنت انطوائيًا أعيش في مدينة بني سويف وليس عندي أي صداقات.

أحببت عدة فتيات ولم أسطتيع المصارحة بسبب شكلي الوحش والذي زاده حلاقة شعري على درجة صفر.. ولكني تعلمت في هذه المرحلة عشق الكلمة والحرف وافرغت طاقتي في مكتبة البلدة التي كنت أشهر مرتاديها.. وكانت أول قرائتي لسلامة موسى ذلك الرجل الذي عليه وتاريخه تعتيم شديد ثم بدأت اتعامل مع كتابة الكلمة وصنعت مجلة أنا كاتبها وناشرها وقارئها.. مجلة من تسعة ورقات مكتوبة بالقلم الرصاص وكنت ابعثها إلى بعض اصدقائي بشكل سري كما لو كانت الصحافة منشورًا سريًا وفي مرحلة شبابي لم أكن نابغًا في الدراسة ولكن جامعة الحياة أهم ألف مرة من الجامعة الدراسية.

ثم ذهبت إلى القاهرة وبدأت أعيش مرحلة البحث عن الذات.. فتعرفت على سهير القلماوي واعطتني فرصة لكتابة المقالات في صحيفة حائطية.. وكنت أعشق التمثيل جدًا وأمارسه كهواية بشكل بسيط.. أما ممثلي الأول فهو محمود المليجي الذي عشقت تمثيله وايقنت براعته في تلك الجمل الصغيرة التي قالها في أحد أفلامه لعقيلة راتب وهي جملة “ارمي اللعبة الي في أيديك دي يا هانم” كما قالها براعة ذلك الممثل العالمي.

.رفيق عمرك عبدالحليم حافظ كيف تعرفت عليه؟

– في مرحلة الشباب كنت أحد مرتادي مقهي (أُنس) في محاولة للتعرف على القاهرة التي مازلت حديث العهد بها وتعرفت على شاب نحيل يدعى عبدالحليم على اسماعيل وفي آخر اسمه شبانه وسمي فيما بعد عبدالحليم حافظ وكانت بداية علاقتنا في بداية مشوارنا أنا احاول ان ازلف إلى الصحافة واحلم بمقابلة النابغة محمد حسنين هيكل وهو يحاول ممارسة الفن ومقابلة الاستاذ محمد عبدالوهاب.. وكنا نسهر ليلًا ناكل البيض المسلوق والجبنة فنحن الاثنين نعاني من الفقر مدقع.. ونحلم كل ليلة بالمستقبل وكان عبدالحليم مفتونًا بعبدالوهاب ودائما يردد أغنية “جفنه علم الغزل”.

.وكيف كانت بداية تحقيق الحلم والنجاح في تحقيقه؟

– كانت بدايتي حين قررت أن أذهب لاستقبال أحمد بهاء الدين العائد من السفر.. وكان في انتظاره محمد زكي عبدالقادر ومصطفى وعلي امين ومحمد التابعي ووقفت بجوارهم وصاحفته ثم ذهبت معهم إلى غرفته ولا أحد يعرفني من هؤلاء جميعًا وبدلا من أن اتناول كوب الشاي في ثلاثة دقائق كالعادة.. شربته في نصف ساعة طمعًا في طول الحديث معه.. وأصيب أحمد بهاء الدين بالدهشة عندما علم اني لا أعمل بالصحافة واسعى للتدريب في مجلة اخر ساعة فقد كان يحسبني أحد محرري الدار.

وحدد لي موعدًا بعد أسبوع وبالفعل التقيت به وعينني محررًا بـ “صباح الخير” في واحد يناير عام 57 .

أما بداية عبدالحليم وبعد أن قررنا أن يذهب إلى الإستاذ عبدالوهاب ليسمعه صوته وبالفعل ذهبنا إلى مقهى أم كلثوم والتي يقع مكتب الأستاذ أمامها وانتظرته بالمقهى ساعتين وهو في مكتب الأستاذ بعدها جاء عبدالحليم حافظ وعلى وجهه ابتسامة وقال لي :”يظهر أن الأستاذ انبسط” وكان هذا اليوم بداية انطلاقة عبدالحليم حافظ الحقيقة وأسعد أيام حياتنا ولم تكن علاقتي بعبدالحليم حافظ علاقة فنان لكاتب بل اخ لأخ.

.ما هو اصعب موقف في حياتك وكيف واجهته؟

– أصعب مواقف حياتي وأكثرها سوادًا.. يوم أوقفني ومنعني النظام الحاكم في مصر عن الكتابة في 15 اكتوبر 64 أيام عهد عبدالناصر.. وفي هذه اللحظة لم أجد مكانًا وصدرًا حنونًا يحسني ويشعر بي سوى صدر عبدالحليم حافظ.. الذي أخذني إلى مدير المخابرات العامة المصرية في ذلك الوقت “صلاح نصر”.. وطلب عبدالحليم من نصر أن يعيدني للكتابة قائلا له.. ” لو كان مفيد فوزي يتأمر على النظام فإنه يتآمر في بيتي وإذا كان يطبع منشورات فإنها طبعت في بيتي، فرد صلاح نصر قائلا لعبدالحليم، “انت أد الكلام ده”، ولكن عبدالحليم قال أنا أثق بمفيد.. وعدت للكتابة ثانية ولكن للأسف مرضت بالسكر من جراء هذا الموقف الذي أعاني منه منذ ذلك اليوم .

. ما العبرة المستفادة من تجربتك وبماذا توصي الشباب الصحفيين؟

– لقد صعدت درجات سلم الصحافة درجة درجة وهذا ما يجب أن يتعلمه الشباب ويؤمن به لأن الصعود السريع يعادله هبوط أسرع.. وحتى وإن كانت قدرات الصعود كبيرة يجب إلا يتعجل الأمور، ويتيقن أنه لو تأخر في ترقية أو صعود درجة سيعوض ذلك في فرصة مقبلة.. فقد توليت رئاسة تحرير صباح الخير دون أن أكون مدير تحرير لها أو نائبًا لرئيس التحرير أو أي منصب بها وذلك منذ ست سنوات حين عينني النظام في هذا المنصب.

. برنامجك “حديث المدينة” بالفعل أصبح حديث المدينة من أين أتيت بالفكرة؟

– رأيت أن التلفزيون هو المستقبل.. لانه يصل للمثقف والعادي والمتعلم والأمي.. جميع شرائح المجتمع وبالفعل مستقبله أكثر نورًا من الصحافة لانه يخاطب الملايين عبر المحطات الفضائية، وهذا ما احسسته حين ذلفت إلى التلفزيون عبر برنامجي ” أم كلثوم عصر من الفن” والذي قدمته عام 82 وكذلك من البرامج التي اعددتها للأخرين، وبعد احالتي للمعاش وبلوغي سن الستين رأيت استثمار ذلك بعمل تحقيقات صحفية بالتلفزيون من خلال البانوراما السياسية الاجتماعية ” حديث المدينة ” وأحمد الله فقد نال الاستحسان في كل الوطن العربي وأشاد به العديد من الكتاب والجرائد والمجلات ومنها جريدتكم الوطن.

. أهم ما قدمته في “حديث المدينة”؟

– حوار مع الرئيس حسني مبارك.. وحوار مع دكتور بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة وكان ذلك في نيويورك.. حوارات مع شخصيات كثيرة هامة بالإضافة إلى تحقيقات عن المشكلات التي نعاني منها وتمس رجل الشارع في صميم وجدانه.. وسأجمع كل هذه الحوارات في كتاب قريبًا.

. واخيرًا همست في أذن مفيد فوزي ” حديث المدينة” يأتي للمشاهد كما هو دون مونتاج وحذف ودون التعرض لمقص الرقابة خصوصاً في ما يتعلق بأحراجكم النظام الحاكم؟

– أجاب مفيد بحماس شديد.. “حديث المدينة” لا يتعرض لأي مقص أو رقابة.. وهذا واضح جدًا في البرنامج ولو حدث لفقد “حديث المدينة ” مصداقيته وأصبح برنامجًا تافهًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى