لم تتح لي الفرصة علي مدار سنوات مضت لزيارة معرض القاهرة الدولي للكتاب في مقره الجديد بمنطقة “التجمع الخامس” وذلك بحكم عملي في الخارج ، المهم ذهبت اليه قبيل أيام وفي مخيلتي صورة المعرض بمقره السابق في “مدينة نصر” ،الا أنني فوجئت بنقلة نوعية حقيقية من حيث المساحة والتنظيم والمعروض من خلاصة نتاج العقول في مكان واحد ، هذه النقلة الثقافية النوعية التي تليق بالجمهورية الجديدة أسعدتني كثيرا كما أسعدت أكثر من ثلاثة ملايين ذهبوا ليروا معرض القاهرة الدولي للكتاب وقد زاد بريقه بشكل لافت مايعني زيادة الوعي بأهمية القراءة والثقافة ، والحق أنني فوجئت بإقبال من منقطع النظير لم أكن أتوقعه لسببين أولهما أنني ذهبت في يوم شديد البرودة والرياح الترابية والمطر “الأربعاء قبل الماضي” ، والسبب الآخر أنني توقعت أن تلقي الأزمة الإقتصادية العالمية الخانقة التي طالت مصر بطبيعة الحال بظلالها علي المعرض من حيث الإقبال بعد الزيادة الكبيرة جدا في أسعار الورق .. شكرا لكل القائمين علي أكبر وأهم معارض الكتاب في الشرق الأوسط ، والثاني عالميا بعد معرض فرانكفورت ، ورحم الله تعالي مطلق مصباحه في العام 1969 وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة
•• أستطيع القول أن معرض القاهرة للكتاب الدولي هذا العام أعاد الهيبة للكتاب الورقي الذي تبقي لمتعة القراءة منه نكهة خاصة تماما كمتعة قراءة الصحف الورقية التي بدأت تسترد بريقها في العالم كله فها هي الصحف الورقية الأمريكية والإنجليزية بدء من بداية هذا العام وقد زادت من عدد صفحاتها بناء علي رغبة قرائها
••”إبداع” .. هذا أقل مايمكن أن يقال عن جناح الأزهر الشريف الذي كان معرضا بحد ذاته والذي تضمن العديد من الأركان منها ركن للفتوي حيث تواجد بعض العلماء لإستقبال من يريدون الفتوي في أمور دينهم ودنياهم ، وركن آخر للندوات التي شارك فيها علماء أفارقة من خريجي الأزهر وثالث لمجلس حكماء المسلمين ، بالإضافة الي متحف للمخطوطات ، وبانوراما مضيئة للتعريف بسيرة ومسيرة كبار علماء الأزهر ، واصدارات لمرصد الأزهر ولمجمع البحوث الإسلامية، وغير ذلك
•• جناح القوات المسلحة أيضا “إبداع” وقد تضمن بانورما مضيئة بالصور والمعلومات التي ربما لا يعرفها الكثيرون عن معارك الجيش المصري في العصر الفرعوني مثل معركة “قادش” التي جرت العام 1285 م وانتصر فيها الجيش المصري بقيادة رمسيس الثاني علي جيش الحيثيين ، بالإضافة الي معارك العصر الحديث ، وتسليط الضوء علي الخدمات التي تقدمها القوات المسلحة للمواطنين من خلال نواديها وفنادقها، ولعل أجمل مالفت انتباهي تسابق الصغار والكبار للتصوير مع الضابطين المتواجدين في الجناح علي وقع الأغاني الوطنية مايعكس التقدير الشعبي لقواتنا المسلحة التي تحمي الأرض والعرض
•• الهيئة العامة للكتاب وفي القلب منها “مكتبة الأسرة” أبدعت أيضا في توفيرها لكتب كثيرة جدا بأسعار مناسبة جدا ماجعل الإقبال عليها استثنائيا فكانت النتيجة تحقيق أعلي مبيعات لها في تاريخ معرض الكتاب ، ويحسب لها أنها باعت الطبعات القديمة بنفس التكلفة السابقة ، في حين لجأت بعض دور النشر لتطبيق السعر الجديد بعد الغلاء علي المطبوعات القديمة
•• فضلا عن الندوات المختلفة التي أقيمت في بعض أجنحة المعرض والتي تسهم في تنمية وتشكيل الوعي الثفافي والاجتماعي والديني كانت هناك مبادارات جيدة منها تقديم بنك مصر من خلال اتحاد الناشرين لخدمة تقسيط الكتب علي مدار عام ، وأيضا تخصيص الشركة القومية للتوزيع لركنيين لنقل وشحن الكتب لمن يرغب داخل وخارج مصر شريطة عدم تجاوز الطرد لثلاثين كيلو جرام وهذه مبادرة جيدة
•• تذكرة دخول المعرض كانت في متناول الجميع وبخمسة جنيهات فقط ، لكن يجب توفيرها علي كل البوابات وليس في مكان واحد ، كما أري بضرورة تعبيد وتجهيز وتطوير مواقف السيارات في الساحة الكبيرة المقابلة للمعرض مع انشاء كوبري بينها وبين المعرض حيث أن الشارع الفاصل بينها وبين المعرض سريع وذلك تفاديا لعدم وقوع حوادث مرورية وكم تمنيت لو كانت المواقف متعددة الطوابق داخل المعرض
•• آخر الكلام : رحم الله المتنبي الذي قال : اعز مكان في الدني سرج سابح…. وخير جليس في الزمان كتاب