كارثة.. انتشار الإلحاد وزيادة نسبته بين شباب الوطن العربي
كتب – محمد عبد الشكور
في السنوات الأخيرة، أصبح موضوع الإلحاد في العالم العربي محل نقاش مستمر، خاصة بين فئة الشباب.
ووفقًا لبحث أجراه الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، فإن حوالي 12% من 6000 شاب عربي شاركوا في الاستبيان أعلنوا عن إلحادهم، وهي نسبة تعتبر “صادمة” كما وصفها.
وتعكس هذه الأرقام تحولًا اجتماعيًا كبيرًا يتطلب فهمًا عميقًا للأسباب والدوافع وراء هذا الاتجاه.
انتشار الإلحاد: بسبب الاتصالات الحديثة والأفكار البديلة
تشير الأبحاث إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لزيادة الإلحاد بين الشباب هو التقدم التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديثة، حيث أصبحت الشبكات الاجتماعية مثل “فيسبوك وتويتر” منصة لتبادل الأفكار التي قد تثير الشكوك حول الدين، مما يتيح للشباب التعبير عن مشاعرهم وآرائهم دون الخوف من العواقب الاجتماعية.
وقد أشار جمعة إلى أن تصرفات بعض رجال الدين لم تعد تتماشى مع الصورة المثالية التي يحملها الشباب عنهم، مما أدى إلى شعور بالإحباط والرفض.
وتتراوح أسباب الإلحاد بين التوجهات الفكرية والعلمانية والاحتجاج ضد ممارسات دينية معينة، حيث يشعر بعض الشباب بأن الجماعات الإسلامية المتشددة قد شوهت صورة الدين وأدت إلى انتشار العنف.
كما شهدت فترة ما بعد ثورات الربيع العربي ظهور تيارات فكرية جديدة تعبر عن رفضها للخطاب الديني التقليدي، مما زاد من انفتاح النقاش حول الإلحاد كخيار بديل.
التعبير عن الإلحاد عبر وسائل الإعلام
تساهم وسائل الإعلام الاجتماعية بشكل كبير في تعزيز فكرة الإلحاد، فهناك العديد من الصفحات والحسابات التي تدعو إلى الإلحاد، مما يجعلها متاحة بشكل أكبر للشباب.
فيسبوك وتويتر ويوتيوب أصبحت منابر تُستخدم لتبادل الأفكار وفتح النقاشات حول الدين والإلحاد، مما يسهل على الشباب التعبير عن آرائهم ومشاركة تجاربهم.
فمن خلال قنوات مثل “العقل الحر” وغيرها من المنصات، يتم تقديم محتوى يهدف إلى تحدي المفاهيم التقليدية وتقديم رؤى جديدة تتعلق بالدين.
ويستغل هؤلاء الملحدون الفضاء الرقمي لنشر أفكارهم وتوسيع قاعدة متابعيهم، مما يعكس تغيرًا في الثقافة الشبابية.
أسباب الإلحاد في العالم العربي
تتعدد الأسباب التي دفعت بعض الشباب العربي إلى الإلحاد، منها ما هو متعلق بالعوامل السياسية والاجتماعية.
فعلى سبيل المثال، يرى الكثيرون أن العنف الذي تمارسه بعض الجماعات الإسلامية قد أدى إلى تشكيكهم في تعاليم الدين، كما أن هيمنة “الإسلام السياسي” على الحياة العامة والخاصة تشكل رد فعل سلبي لدى البعض، مما يدفعهم إلى رفض الدين ككل.
وتعتبر الممارسات العنيفة التي تُنفذ باسم الإسلام، من بين الأسباب التي تدفع الشباب للابتعاد عن الدين.
وقد أظهرت دراسات متعددة أن هذه الممارسات تعكس صورة سلبية عن الإسلام، مما يؤدي إلى نفور الكثير من الشباب ويقودهم إلى الإلحاد.
جهود الدولة والمؤسسات الدينية لمواجهة الإلحاد
لمواجهة هذه الظاهرة، اتخذت بعض الحكومات والمؤسسات الدينية خطوات عديدة.
ففي مصر، أطلقت وزارة الشباب بالتعاون مع الأزهر مبادرات تهدف إلى “مكافحة التطرف والإلحاد”، حيث تسعى هذه المبادرات لتسليح الشباب بالأدلة العلمية والفكرية للتصدي للأفكار الإلحادية، ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: هل هذه الجهود كافية؟
تواجه الدولة تحديات كبيرة في هذا الصدد، إذ أن الحملات الحكومية لمحاربة الإلحاد قد تثير مزيدًا من التوترات بين الأطراف المختلفة، ويعتبر الكثير من الشباب أن محاربة الإلحاد بمثابة محاولة لقمع حرية الفكر والتعبير، وهو ما قد يعزز من مشاعر الانتماء إلى تيارات الإلحاد.
ويبدو أن ظاهرة الإلحاد بين شباب الوطن العربي تتطلب فهماً عميقًا للتغيرات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها المجتمع العربي. إن الانفتاح على نقاشات جديدة وتوفير منصات آمنة للشباب للتعبير عن آرائهم قد يكون خطوة مهمة نحو تحقيق التفاهم المتبادل.
فبدلاً من محاربة هذه الظاهرة، يجب أن يُفتح المجال للحوار والنقاش البناء حول الدين والإيمان والإلحاد، مما قد يسهم في تحسين الفهم بين الأجيال المختلفة