مقالات

الخبير المصرفي خالد عمران يكتب: صندوق النقد الدولي.. ماله وما عليه

يعتبر البعض ان موافقة صندوق النقد الدولي في الحصول علي قروض بمثابة شهادة ثقة في اقتصاد الدولة وخطة حكومتها ومسارها الاقتصادي ، بينما ينتقد البعض توجهات الصندوق ويتهمه بتنفيذ سياسات تهدف الي اخضاع الدول وافقار شعوبها ، اما حيادية الصندوق فهي دائما موضع نقاش ، حيث يتم تمويل الصندوق بشكل رئيسي من قبل الدول الأعضاء، وقد تتأثر توجهاته وقراراته بالتفاوض والتوافق بين هذه الدول ، وما بين الإشادة والنقد والتشكيك ، نوضح هنا ما هو صندوق النقد الدولي وما هي سياسته وما هي قصص نجاحه وفشله مع بعض الدول.
صندوق النقد الدولي (International Monetary Fund – IMF) هو منظمة دولية تأسست في عام 1944 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث اجتمعت 44 دولة من “الحلفاء” في مؤتمر “بريتون وودز” في يوليو 1944، بهدف التخطيط لبناء إطار للتعاون الدولي تجنبا للانتكاسة الاقتصادية التي عاناها العالم في ثلاثينيات القرن الماضي وسميت “الكساد الكبير”.
تعتبر وظيفة صندوق النقد الدولي الرئيسية هي توفير الدعم المالي والفني للدول الأعضاء التي تواجه صعوبات اقتصادية من خلال توفير قروض للدول مقابل تنفيذ إصلاحات هيكلية واقتصادية للدول المستفيدة. وتختلف تلك الإصلاحات وفقا للازمة المالية التي تواجهها الدولة ، فقد تكون ازمة مؤقته نتيجة لظروف معينه كالكوارث الطبيعية والأوبئة والحروب و التأثر بأزمات دول مرتبطة بعلاقات تجارية ، او تكون ازمة طويلة الاجل نتيجة خلل هيكلي وعجز دائم في موازنة الدولة او في ميزان المدفوعات.
وتهدف إصلاحات الصندوق الي زيادة موارد الدولة وتقليل الانفاق ، وزيادة مواردها من النقد الاجنبي ، وتعزيز الشفافية والحوكمة ، وتحسين مناخ الاستثمار ، وتحسين البنية التحتية الاقتصادية ، وتشجيع القطاع الخاص ، وحماية المنافسة ، وتشجيع دخول الاستثمارات الأجنبية ، ومراقبة ووضع حدود امنه للدين العام و تخفيض التضخم …. الخ وذلك عن طريق ضوابط معينه مثل تخفيض الإنفاق العام ، وتقليص الدعم الحكومي للسلع الاستراتيجية ، وزيادة او تعديل نظام الضرائب وتحرير سعر الصرف والتعامل مع سعر الفائدة. وعادة يكون تقديم القروض علي دفعات مقابل مراجعات دورية لضمان تنفيذ الدول لهذه الضوابط وقد يقوم الصندوق بالتشدد او تخفيف بعضها وفقا لما هو محقق علي ارض الواقع. وهنا يجب الا ننسي ان الصندوق الذي يهدف في الأساس الي دعم الدول ، لا يقدم هبات ومنح لا ترد بل يمنح قروض ويجب ان يضمن قدرة الحكومات علي سدادها. وتتفاوت ضوابط الصندوق من دولة إلى أخرى حسب الظروف الاقتصادية والمالية وكذلك تتفاوت قدرة الحكومات علي تقبل تلك الإصلاحات واليات تنفيذها لما يكون لها من تداعيات اجتماعية وسياسية تؤثر علي مواطني الدولة وخاصة الطبقات الفقيرة و علي شعبية الحزب الحاكم.
وهنا نود ان نذكر بعض امثلة لنجاح صندوق النقد الدولي ، مثل التعامل مع دولة كوريا الجنوبية اثناء الازمة المالية الآسيوية في نوفمبر 1997 “ازمة النمور الأسيوية ” حيث واجهت كوريا الجنوبية أزمة مالية خانقة هددت استقرارها الاقتصادي وقدم صندوق النقد الدولي قرضًا بقيمة 58 مليار دولار أمريكي وتم احداث إصلاحات هيكلية واقتصادية عميقة في البلاد، وتمكنت كوريا الجنوبية من التعافي بشكل سريع وتحقيق نمو اقتصادي قوي. وكذلك مثال دولة البرازيل والتي واجهت في عام 2002 أزمة مالية شديدة وتدهور في أدائها الاقتصادي وعندها قدم صندوق النقد الدولي قرضًا بقيمة 30 مليار دولار أمريكي لدعمها ومساعدتها على تخطي الأزمة. وتمكنت البلاد من تنفيذ إصلاحات هيكلية وتحقيق استقرار اقتصادي نسبي.
الا انه هناك أيضا قصص فشل في التعامل مع صندوق النقد الدولي واهمها دولة الأرجنتين حيث تعرضت في عام 2001 لأزمة اقتصادية ومالية خانقة، وقدم صندوق النقد الدولي قرضًا بقيمة بلغ 39 مليار دولار أمريكي للأرجنتين للمساعدة في استعادة استقرارها. ومع ذلك فشلت الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية وزادت معدلات البطالة والفقر في البلاد ولازالت الارجنتين تتصدر قائمة دول العالم الأكثر مديونية لصندوق النقد الدولي. ومثال اخر دولة اليونان التي واجهت في عام 2010 أزمة ديون كبيرة وتدهور في وضعها المالي. وقدم صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي حزمة إنقاذ بقيمة 110 مليار يورو لليونان بهدف تجنب انهيار اقتصادها. وتضمنت إجراءات تقشفية صارمة، بهدف تحقيق التوازن المالي وإصلاح الاقتصاد ، وواجهت هذه الإجراءات معارضة شديدة من الشعب اليوناني وأدت إلى احتجاجات واضطرابات اجتماعية. وبرغم الجهود المبذولة ، فشلت الإصلاحات الهيكلية المطلوبة في تحقيق تحسن ، واستمرت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في اليونان لسنوات عديدة.
بشكل عام، يمكن القول إن الصندوق النقد الدولي يلعب دورًا هامًا في تعزيز الاستقرار المالي العالمي ومساعدة الدول في التغلب على التحديات الاقتصادية. ولذلك يجب ان يتم تقييم أداءه وتأثيره بناءً على النتائج الفعلية وآثارها على الشعوب واقتصادات الدول والا يكون ذلك بمنأى عن العوامل والأوضاع الاقتصادية للدولة او الوضع الإقليمي والدولي بشكل عام.

الخبير المصرفي : خالد عمران


“العزيز زائر وعضو الموقع، فضلاً اشترك وشاركنا على منصاتنا المختلفة.

تفاعل معنا لنكونَ دائمًا في الصدارة، ونستمر في تقديم كل ما هو مفيد وفي الصالح العام.. كن إيجابيًّا وشارك في النجاح.”

مصريون في الكويت: www.egkw.com

فيس بوك: www.facebook.com/egkwcom

انستجرام: www.instagram.com/egkwcom

تويتر: https://www.twitter.com/egkwnet

يوتيوب: www.youtube.com/@mesryoon

ثريدز: www.threads.net/@egkwcom

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصريون: www.q8eg.com

فيس بوك: www.facebook.com/egkwcom1

انستجرام: www.instagram.com/egkwcom1

تويتر: https://www.twitter.com/EGKWcom1

يوتيوب: www.youtube.com/@egyptiansinkuwaitplus3976

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكالة انباء النفط (اونا نيوز): www.oilnewsagency.com

فيس بوك: www.facebook.com/ONANEWS2022

انستجرام: www.instagram.com/oilnewsagency

تويتر: https://www.twitter.com/Oil_News_Agency

يوتيوب: www.youtube.com/@OilNewsAgency

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى