دين و دنيا
أخر الأخبار

طواف الوداع.. شروطه وما يقال في وداع الكعبة المشرفة

ما هو طواف الوداع؟ وما هي أسراره وكيف يؤديه المتعجل والحائض وما هي شروطه؟ أسئلة يكثر البحث عنها ونوردها في التقرير التالي.

ما هو طواف الوداع؟
طواف الوداع هو آخر أعمال الحج الذي يقوم بها الحاج قبل مغادرة الأراضي العربية السعودية، ويسمى ذلك اليوم النفر الثاني وهو ثالث أيام التشريق، وطواف الوداع عبارة عن سبعة أشواط يقوم بها الحاج بعد انتهاء جميع مناسك الحج، حيث ينوي بقلبه تأدية طواف الوداع ويذهب إلى البيت الحرام لتأديته قبل مغادرة البلاد مباشرة، فلا يجوز للحاج أن يتسوق بعد طواف الوداع، وإنما يكون طواف الوداع هو آخر عهده بالبيت الحرام، كما جاء في الحديث النبوي الشريف عن النبي صل الله عليه وسلم “لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت طواف الوداع”.

أسرار الطواف والحكمة منه
يقول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في بيانه أسرارُ الطواف: “فيه حَرَكة تُذَكِّرُك بعبادةِ الملائكةِ وهي تَطُوفُ بالبَيتِ المَعمُورِ، وأنَّك تَتَشَبَّه بعبادِ اللهِ الصالحين؛ لأنَّ الملائكةَ مِن عبادِ اللهِ الصالحين، وأنَّ اللهَ مَنَّ عليك فلم يَحرِمك شيئًا عَلَّمَه لمَلائكتِه، ففَتَحَ لك كُلَّ طريقٍ”.

وأضاف: “وقد جعلَ ربُّنا سبحانه وتعالى كلَّ شيءٍ يُسبِّحُ في مَجالِه، فجَعَلَ الكَواكِبَ تَطُوفُ حولَ الشَّمسِ، وجَعَلَ الشَّمسَ تَطُوفُ حولَ (فيجا)، وجَعَلَ المَجَرّة بحالِها تَطُوفُ وتَتَحَرَّكُ، وهكذا؛ فأنتَ تَطُوفُ كما طافت الكائناتُ وهي تُسبِّحُ ربَّها، وعلى ذلك فأنت تسيرُ في حركةِ الكَونِ، ولا تسيرُ ضِدَّه؛ ولأنَّ الكعبةَ في شمالِ الأرضِ وليس في جنوبِها كما أوضَحنا مِن قبل، فتَجِدُ نَفسَك تطوفُ كطوافِ حركةِ الماءِ، فالماءُ يَدُورُ بهذه الكَيفِيّة في النِّصفِ الشَّمالِيِّ، فإذ بكَ تفعَل مِثلَما تفعلُ الكائناتُ في كلِّ شيءٍ؛ الكائناتُ الكبيرةُ والكائناتُ الصغيرةُ”.

وتابع: “إذن أنت مع الكونِ، وأنت مع عبادِ اللهِ الصالحين، وهكذا يُذَكِّرُكَ الطَّوافُ بالبَيتِ بالحَرَكة، و(الحركة بركة) كما يقول الناس عندنا؛ فهل تَسكُنُ أم تَتَحَرَّكُ في عبادتِك لله؟ لا، بل تَتَحَرَّكُ، هو الذي أمَرَكَ بالحَرَكة في الصلاةِ والزكاةِ والصيامِ والحجِّ، وهكذا الحجُّ والعمرة يُكَبِّرانُ لك الأشياءَ، ولذلك تَتَّضِحُ لك فيه الحركة وأنت تطوف، والطوافُ ركنٌ مِن أركانِ الحجِّ والعمرة، أظهَرَ لك ما كان خَفِيًّا، فحركتُك في الصلاة وأنت تَقِفُ في مكانِك، وحركتُك في الصيامِ يُمكِنُ أن تكونَ بعَينَيكَ، تَتَرَقَّبُ الفَجرَ مثلاً، وبقلبِك، فتُحَرِّكُ قلبَك في النيّة؛ لأنَّه لا بُدَّ مِنَ النِّيّة قبلَ الفَجرِ؛ لكن كَبُرَت جِدًّا في الحجِّ ووَضُحَت، ما كان خفيًّا مَستُورًا أصبحَ ظاهِرًا بيِّنًا، فالحركةُ في الطوافِ فيها أسرارٌ ظاهرةٌ وباطِنة، مِنَ الأسرارِ الظّاهِرة: استجابةُ الدُّعاءِ؛ لأنَّ هذا المَكانَ مَحَلُّ نَظَرِ اللهِ، ومَحَلُّ مُضاعَفة الأعمالِ في الثَّوابِ، فالمُصَلِّي والطّائِفُ والذّاكِرُ والدّاعِي والقارِئُ له مائةُ ألفٍ مِنَ الثَّوابِ خاصّة في الصَّلاةِ”.

ما هي شروط طواف الوداع؟
أجمع الفقهاء على الشروط التالية كالتالي:

1- النية ومحلها القلب وهي أساس لأداء جميع العبادات.

2- أن يكون الحاج من خارج حدود مكة حيث يسقط طواف الوداع عن أهل مكة.

3- مراعاة توقيت طواف الوداع بانتهاء جميع أعمال الحج والعزم على السفر مباشرة بعد الطواف.

4- أن يكون طواف الوداع بعد طواف الإفاضة وقد أجازت دار الإفتاء المصرية تأخير طواف الإفاقة وجمعه مع طواف الوداع دون حرج.

5- يشترط طواف الوداع الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، ولذلك يسقط عن النساء في حالة الحيض أو النفاس.

طواف الوداع للمتعجل
طواف الوداع للمتعجل يتم في ثاني أيام التشريق وهو يوم النفر الأول، حيث يرمي الحاج المتعجل الجمرات الثلاث في أول وثاني أيام التشريق واللذان يوافقان الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، وبعد الانتهاء من رمي الجمار يتوجه الحاج إلى مكة قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر من ذي الحجة لتأدية طواف الوداع ومغادرة مكة المكرمة على الفور فلا يجوز البقاء فيها بعد طواف الوداع.

ولا حرج من طواف الوداع للمتعجل كما جاء في الآية الكريمة ” فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”.

طواف الوداع للحائض
يسقط طواف الوداع عن الحائض حيث يشترط الطواف الطهارة، وما يدل على ذلك في السنة النبوية ما ثبت في الصحيحين: أن عائشة رضي الله عنها قالت: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج، حتى جئنا سَرِف فطمِثت، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: “مالك؟ لعلك نفست”، فقلت: نعم، قال: “هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري”، وفي رواية لمسلم: “فاقضي ما يقضي الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي».

حكم طواف الوداع
ما بين السنة والفرض، اختلف الفقهاء في حكم طواف الوداع على رأيين:

الرأي الأول يرى أن طواف الوداع فرض واجب ومن يتركه عليه ذبح شاه في الحرم وتوزيع لحمها على الفقراء، وغن عجز عن ذلك صام 10 أيام.

الرأي الثاني يرى أن طواف الوداع سنة، وهو قول الإمام مالك، وداود، وابن المنذر، وأحد قولي الشافعي، وهو ما عليه الفتوى بدار الإفتاء المصرية؛ تيسيرًا على الحجاج.

طواف الوداع بدون سعي
طواف الوداع بدون سعي هو الأصل في المعنى المقصود من هذا الطواف والذي يعد بمثابة تحية المسجد وتحية البيت الحرام تكون بالطواف حول الكعبة، ولذلك لا يشترط طواف الوداع السعي بين الصفا والمروة مثلما يشترط طواف الإفاضة أو القدوم، وهو ما أجمع عليه جمهور الفقهاء مستدلين بالحديث النبوي الشريف عن النبي صل الله عليه وسلم “آخر النسك الطواف بالبيت”.

ماذا تقول في طواف الوداع؟
يقول الحاج دعاء طواف الوداع أو دعاء وداع الكعبة، حيث يأتي الحاج إلى الملتَزم، وهو من الكعبة المشرفة ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، ويضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه عليه، ثم يقول: “اللَّهُمَّ البَيْتُ بَيْتُك، وَالعَبْدُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبدِكَ وابْنُ أمَتِكَ، حَمَلْتَنِى علىٰ ما سَخَّرْتَ لى مِنْ خَلْقِكَ، حتَّىٰ سَيَّرْتَنى فِى بِلادِكَ، وَبَلَّغْتَنِى بِنِعْمَتِكَ حتَّىٰ أعَنْتَنِى علىٰ قَضَاءِ مَناسِكِكَ، فإنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّى فازْدَدْ عنى رِضًا، وَإِلاَّ فَمِنَ الآنَ قَبْلَ أنْ يَنأى عَنْ بَيْتِكَ دَارِى، هَذَا أوَانُ انْصِرَافى، إنْ أذِنْتَ لى غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلا بِبَيْتِكَ، وَلا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فأصْحِبْنِى العافِيَةَ فى بَدَنِى، وَالعِصْمَةَ فى دِينِى، وأحْسِنْ مُنْقَلَبِى، وَارْزُقْنِى طاعَتَكَ ما أبْقَيْتَنِى، واجْمَعْ لى خَيْرَى الآخِرةِ والدُّنْيا، إنَّكَ علىٰ كُلّ شَيىءٍ قدِيرٌ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى