هل يفقد الذهب بريقه ويخسر صعوده الكبير؟ خبراء يجيبون

يرى بعض خبراء في سوق الذهب واقتصاديون ، أن أسعار الذهب قد تسير في اتجاه هبوطي إلى حد ما خلال الفترة المقبلة بعد توصل أمريكا والصين لاتفاق لإنهاء الحروب التجارية بينهما وزيادة الاحتمالات بخفض أمريكا لسعر الفائدة
ويرى آخرين أن أسعار الذهب مرجحة للعودة للصعود مجددا وسط التقلبات العالمية والتوترات الجيوسياسية مما يجعله أداء للتحوط من تقلبات أسعار الدولار.
توصّل كبار المسؤولين الاقتصاديين في الصين والولايات المتحدة يوم الأحد إلى وضع إطارٍ لاتفاق تجاري يعرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ للبتّ فيه في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
كانت أسعار الذهب شهدت خلال الشهر الحالي قفزات قياسية إلى نحو 4398 دولارًا للأونصة قبل أن تتراجع بعد موجة تصحيح بسبب الحرب التجارية بين الصين وأمريكا التي تعد من أهم أسباب ارتفاع المعدن النفيس ووصوله إلى أرقام قياسية في فترة وجيزة.
جاء ذلك بعد فرض رسوم جمركية متبادلة أربكت سلاسل الإمداد والتجارة العالمية، ودفعت المستثمرين إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن في مواجهة عدم الاستقرار الاقتصادي.
من ناحية أخرى يترقب العالم قرار الاحتياطي الفيدرالي- البنك المركزي الأمريكي- يوم الأربعاء بحسم سعر الفائدة على الدولار وسط توقعات بخفضها للمرة الثانية على التوالي.
وأي خفض في سعر الفائدة على الدولار ينعكس بشكل إيجابي على سعر الذهب حيث يقلل المستثمرين من الاستثمار في العملة الأمريكية مقابل زيادة الاستثمار في المعدن الأصفر.
وأعلن لي تشنج جانج نائب وزير التجارة الصيني، أن الصين والولايات المتحدة الأمريكية توصلتا إلى اتفاق مبدئي لتسوية خلافاتهما التجارية المزمنة، بعد يومين من المفاوضات المكثفة في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وقال لي في مؤتمر صحفي عقب المحادثات، ناقشنا بصورة بناءة ووضعنا حلولًا مناسبة للمسائل التي تثير قلق الطرفين، وتوصلنا إلى توافق أولي يفتح الباب أمام تقدم أكبر خلال الأسابيع المقبلة
الاتفاق بين الصين وأمريكا يقلل من بريق الذهب
قال لطفي منيب نائب رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، إن تأثير الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين سيكون العامل الأوسع تأثيرًا على سلوك الأسواق والاستثمار.
وأضاف أن حالة الهدوء والانسجام في العلاقات التجارية بين أمريكا والصين، إذا تحققت، ستكون دافعًا قويًا لتشجيع الاستثمار المباشر وتوجيه رؤوس الأموال نحوه، وهو ما يعني عزوف الأفراد عن شراء الذهب.
وأشار لطفي إلى أن ارتفاع أسعار الذهب في الفترات الماضية كان سببه التوتر الاقتصادي والتعريفات الجمركية المتبادلة، وبالتالي فإن أي اتفاق فعلي بين الجانبين من شأنه أن يؤدي إلى تراجع أسعار الذهب بشكل واضح.
وأوضح منيب أن القرار بمفرده عادة ما يؤدي إلى رفع سعر الذهب، لأن المستثمرين يتجهون إليه باعتباره بديلًا آمنًا عن الودائع البنكية ذات العائد المنخفض.
وأكد أن تنفيذ الاتفاق فعليًا هو العامل الحاسم في اتجاه الأسعار خلال الفترة المقبلة، في ظل مشهد اقتصادي قابل للتغير في أي لحظة.
الذهب يحافظ على مكانته
من جانبه قال الدكتور إيهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين قد يخلق قدرًا من الاستقرار في الاقتصاد العالمي، لكنه لن يكون كافيًا لإنهاء الأزمات القائمة.
وأوضح أن العالم ما زال يواجه مشكلات اقتصادية متعددة أبرزها ارتفاع الأسعار واستمرار معدلات التضخم، وهو ما يجعل الذهب يحافظ على مكانته كملاذ آمن في ظل تلك الأوضاع، متوقعًا أن يواصل المعدن النفيس صعوده خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن المؤسسات والأفراد سيستمرون في الاستثمار في الذهب بنسب مرتفعة باعتباره أداة أكثر أمانًا مقارنة بالأصول الأخرى في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي.
قرار الفيدرالي المرتقب
قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن أسعار الذهب ما زالت ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالدولار.
وأضاف أن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين قد لا يدعم موقف الدولار ومن الممكن أن يزيد من تراجعه مع الوقت، ما يزيد من احتمالات تراجع الدولار ويعزز جاذبية الذهب كملاذ آمن وسط زيادة احتمالات خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة.
وأشار شفيع إلى أن تحركات الذهب الحالية طبيعية في ظل بلوغه مستويات تاريخية، مشيرًا إلى أن موجات التراجع ما هي إلا عمليات تصحيح مؤقتة، وأن الاتجاه العام ما زال يميل إلى الصعود، إذ يظل الذهب الخيار الأول للتحوط في مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية.
وأوضح أن هذا الاستقرار سينعكس إيجابًا على معدلات النمو والتجارة الدولية، لكنه لن يغير من مكانة الذهب كأداة رئيسية للتحوط، إذ ما زالت البنوك المركزية الكبرى تواصل شراء المعدن النفيس على حساب الاستثمار في الدولار أو أدوات الدين الأمريكية، ما يعكس ثقة عالمية متزايدة في الذهب كملاذ آمن وسط استمرار الضبابية الاقتصادية.
وأشار إيهاب الدسوقي إلى أن اجتماع الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء قد يشهد خفضًا في أسعار الفائدة، موضحًا أن هذا القرار حال تنفيذه سيكون له تأثير داعم لارتفاع الذهب مرة أخرى نظرًا للعلاقة العكسية بين الفائدة وسعر المعدن النفيس.
وعكس الاتجاه قلل نائب رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، من تأثير قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة على سعر الذهب لكن هدوء التبادل التجاري سيكون الأكثر تأثير في اتجاه الذهب لمنحنى نزولي مع عودة التفاؤل بين المستثمرين.




