محمد سعيد الرز: جميع الاحتمالات بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل واردة

قال المحلل الاستراتيجي اللبناني محمد سعيد الرز، إن جميع الاحتمالات بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل واردة، سواء على صعيد استمرار الهدنة بشكل دائم، أو بحدوث خروقات، أو بالعودة إلى الحرب.
سيناريوهات عدة
وأضاف في حديثه مع “سبوتنيك”، أن سبب الإبقاء على احتمالية العديد من السيناريوهات، يعود إلى الأسباب الحقيقية والجوهرية لكل التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط منذ عام 2011 وحتى الآن.
وتابع: “إن كل ما جرى في الحرب القائمة بين إسرائيل وإيران، وقبلها في الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وما يمكن أن يحصل خلال الفترة المقبلة، يدخل في إطار محاولات الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها إسرائيل كأداة تنفيذية لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، حسبما عبر بنيامين نتنياهو عدة مرات وكما قال الموفد الرئاسي الأميركي، اللبناني الأصل، توماس براك ، خلال زيارته إلى بيروت الأسبوع الماضي من أن خريطة “سايكس بيكو” للشرق الأوسط ينبغي تعديلها.
وتابع: “من خلال استعراض أسباب لجوء الولايات المتحدة ومعها الحلف الأطلسي إلى اعتماد هذا المشروع شرق الأوسطي نجد أن أمريكا نصبت نفسها قطبا وحيدا لقيادة العالم، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 21 ديسمبر عام 1991، لكن هذا التطويب سرعان ما تداعى بسبب الأزمات الداخلية الاستراتيجية في الولايات المتحدة والتي طفت على السطح في عهدي جورج بوش الآب والابن حيث بلغ الدين العام فيها 33 تريليون دولار وتصاعدت معه مشاكل البطالة والسكن والصناعة والبنوك”.
واستطرد: “وسط استمرار هذا التراجع الأميركي وضع شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل السابق كتابه “نحو شرق أوسط جديد” فيما قدم هنري كيسنجر توصياته بالسيطرة على الشرق الأوسط ومنع اتحاد دوله العربية والإسلامية، بكل وسيلة ممكنة حتى لا يصبح ” قلب العالم ” القوة الرابعة دوليا بعد أميركا وروسيا والصين”.
مشروع غربي
ومضى بقوله إن “التزم الرئيس بوش الأب بمشروع الأوسط الكبير للعمل على تقسيم سبع دول عربية بداية لتصبح 21 دويلة متناحرة في ما بينها ومرتبطة بالدولة اليهودية الكبرى، إسرائيل، وتحويل جامعة الدول العربية إلى جامعة شرق أوسطية تضم إسرائيل وتركيا وإيران وباكستان.
ولفت إلى أن الدول العربية السبع المطلوب تقسيمها هي مصر وسوريا ولبنان والعراق وليبيا والسودان والمملكة العربية السعودية، وكانت المحاولة الأولى في موجة الربيع العربي منذ عام 2011، بانتهاز انتفاضات الشعوب لنيل حقوقها وتحويلها لخدمة المشروع الشرق اوسطي.
وتابع: “لكن ثورة مصر في 30 يونيو كسرت العمود الفقري للمشروع الغربي التدميري ووفرت الحماية لكثير من الدول العربية من خلال نظرية الرئيس عبد الفتاح السيسي بالحفاظ على مقومات الدولة الوطنية في المنطقة العربية التي شهدت أكبر تحول للتعاون مع محور الشرق والانضمام إلى مجموعة البريكس والبدء بمشروع الحزام والطريق التجاري من الصين إلى شرق البحر المتوسط”.
واستطرد: “عندما نفذت حركات المقاومة في غزة عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 تحركت أميركا ودول الأطلسي بامكانياتها العسكرية الضخمة وتمترست في مناطق الشرق الأوسط وأعلن نتنياهو مباشرة عن العمل لتغيير خريطة الشرق الأوسط بموافقة أمريكية وأطلسية عامة”.
وفق الخبير: “واجهت حاملات الطائرات والغواصات النووية والصواريخ البالستية وأحدث وسائل الرصد والتجسس الإلكترونية والطائرات الأميركية من طراز B2 أو الشبح، بقعة أرض مساحتها 350 كلم مربع تقودها فصائل مقاومة بامكانيات متواضعة ليتضح بعدها أن القضية ليست غزة فقط وإنما الشرق الأوسط الجديد ومحاولة إقامته بالحرب بعدما منعت مصر إقامته بالفوضى المنظمة عام 2013.
واشار إلى أن قادة العالم حذروا من أن تفتح الحرب الإسرائيلية على إيران أبواب الحرب العالمية الثالثة، علما أن الحرب الثانية نشبت في 1 سبتمبر عام 1939 بسبب توجه ألمانيا لاحتلال بولندا، واليوم تقف عدة دول إلى جانب إيران التي استوعبت الضربة الأولى والحقت بإسرائيل خسائر لم تعرفها طيلة تاريخها، مما يجعل احتمال اشتعال الحرب الثالثة ليس قريبا فقط، بل واقعا استطاع فيه مجرم عنصري جر الولايات المتحدة الأميركية إليه وهي التي تسعى أصلا لضمان بقائها قطبا دوليا واحدا، لكن حقائق العصر تؤكد توجه العالم نحو تعدد الأقطاب.