ظاهرة العنوسة فى مصر.. أكثر من 12 مليون فتاة بدون زواج

محمد عبد الشكور
تشهد مصر في السنوات الأخيرة ظاهرة متزايدة تُعرف بالعنوسة، حيث تتراجع معدلات الزواج بشكل ملحوظ، مما يثير مخاوف من تفكك النسيج المجتمعي.
وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تراجعت عقود الزواج من 927844 عقدًا عام 2019 إلى 880041 عقدًا عام 2021، مع توقعات بانخفاض أكبر هذا العام، حيث لم تتجاوز عقود الزواج حتى الآن 320 ألف عقد منذ بداية 2023، مقارنة بأكثر من 500 ألف عقد في العام السابق.

تزايد العنوسة
وتشير الإحصاءات إلى أن 60% من الشباب يعزفون عن الزواج، مما يزيد من مخاوف العنوسة.
وفقًا لمعلومات شركة استطلاعات الرأي، هناك حوالي 12 مليون فتاة فوق سن الـ35 غير متزوجات، ونحو 2.5 مليون شاب في نفس الفئة العمرية، وهذه الأرقام تشير إلى أزمة خطيرة تتعلق بالاستقرار الأسري والاجتماعي في مصر.
تراجع مخيف في عقود الزواج
وتشهد مصر انخفاضًا حادًا في عدد عقود الزواج، حيث تراجعت النسبة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، مسجلة انخفاضًا يقارب 50%، وهذا الوضع يثير القلق بشأن زيادة العنوسة بين الشباب والفتيات، ويهدد بتفكيك النسيج الاجتماعي.
ووفقًا لنقيب المأذونين، الشيخ إسلام عام-فى تصريح سابق له- لم تتجاوز عقود الزواج 320 ألف عقد منذ بداية العام الجاري حتى الآن، مقارنة بأكثر من 500 ألف عقد في العام الماضي.
وعلى مستوى السنوات السابقة، تراجعت عقود الزواج من 927844 عقدًا في 2019 إلى 880041 عقدًا في 2021، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بينما تجاوز عدد سكان مصر الـ105 ملايين نسمة.
ارتفاع معدلات الطلاق
كما تُظهر الإحصاءات أيضًا تزايدًا في معدلات الطلاق، حيث بلغ عدد حالات الطلاق في آخر عام إحصائي (2021) 254777 حالة، بمعدل 2.5 لكل ألف من السكان، مقارنة بـ222036 حالة في 2020، ما يعكس زيادة بنسبة 14.7%.

عزوف الشباب عن الزواج
تشير دراسة أجرتها شركة استطلاعات الرأي إلى انخفاض نسبة الزواج بنحو 20% خلال السنوات الثلاث الماضية، نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة ورغبة بعض الفتيات في الاستقلال.
وفقًا لاستطلاع آخر، فإن 60% من الشباب في مصر يرفضون فكرة الزواج، بينما توجد حوالي 12 مليون فتاة فوق سن الـ35 غير متزوجات، بالإضافة إلى 2.5 مليون شاب في نفس الفئة العمرية.
ويظهر المسح الصحي للأسرة المصرية لعام 2021 أن عدد الأسر المصرية يبلغ 25.8 مليون أسرة، مع تسجيل 880041 عقد زواج بمعدل 8.6 لكل ألف نسمة.
عوامل تراجع الزواج
ومن أهم العوامل التى أدت إلى تراجع نسبة الزواج هى التأثيرات الاقتصادية، حيث تتضاعف التحديات الاقتصادية، فقد ارتفعت أسعار الذهب والأثاث والأدوات الكهربائية لأكثر من 300% في أقل من سنة ونصف.
وعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار الإيجارات السكنية بشكل ملحوظ، مما يضيف ضغوطًا إضافية على المقبلين على الزواج.
بالإضافة إلى تغير المفاهيم الاجتماعية، حيث أصبحت بعض الفتيات يفضلن الاستقلالية ورفض الزواج بسبب الصورة الذهنية المشوهة عنه، ويفضل الكثير من الشباب التركيز على تطوير حياتهم المهنية أو التفكير في الهجرة.
ومن الأسباب الأخرى ارتفاع معدلات البطالة، ووفقًا للتقديرات، بلغت نسبة البطالة حوالي 28%، مما أثر على قدرة الرجال على تحمل تكاليف الزواج، ويشعر الكثير منهم بعدم الاستقرار المالي مما يعزز فكرة العزوف عن الزواج.

آثار العنوسة
تتسبب العنوسة في آثار اجتماعية سلبية، حيث تتزايد الضغوط النفسية على الشباب والفتيات.
ويؤكد بعض الخبراء، مثل الداعية حاتم عبد العظيم أبو الحسب، أن زيادة معدلات العنوسة تؤدي إلى مشاكل أخلاقية واجتماعية، مما ينعكس سلبًا على استقرار المجتمع.
مبادرات وحلول
وعلى الرغم من التحديات، هناك محاولات عدة لمواجهة ظاهرة العنوسة من بينها حملة “بلاها شبكة” وتهدف إلى تقليل تكاليف الزواج من خلال تقليص المهور والشبكات، وقد لاقت الحملة قبولًا نسبيًا، لكنها تواجه مقاومة من بعض العائلات.
ومبادرة “زوجي زوجك” التي تدعو النساء للسماح لأزواجهن بالزواج من أخرى كحل لمشكلة العنوسة، ولكنها قوبلت برفض واسع في المجتمع.
وهناك بعض الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تروج للعنوسة مثل صفحة”عانس وأفتخر”، التي تروج لفكرة قبول العنوسة وعدم الخجل منها، مما يعكس تحولًا في المفاهيم الاجتماعية حول الزواج.
وهكذا تمثل العنوسة في مصر أزمة تتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف لحلها، ومن الضروري زيادة الوعي الاجتماعي والاقتصادي حول أهمية الزواج ودعم الشباب في مواجهة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.
إن بناء مجتمع مستقر يتطلب العمل على تحسين الظروف الاقتصادية وتعزيز القيم الأسرية في نفس الوقت.