محمود الشربيني يكتب لـ “مصريون”: الكويتيون والوافدون عشقوا “الشَفَر” في السفر .. خالفتهم واخترت البيجو فقالوا: الله يعينوا
رحلتى كمغترب .. مع سيارة العمر الضائع! الحلقة الثانية
،، اللادا نيفًا.. لعنة الغواية استبدت بى فاشتريتها وخسرت من ثمنها ١٣٠٠ دينارًا فى شهرين فقط !،،
،،حكايتى مع راكب الميكروباص..الذي قال لى “اديني العربية دى وانا افرجك هعمل بيها إيه ؟،،
*ميكانيكي شارع معروف اشتغلني ..أوهمني باصلاح السيرفو وزميله فى بنزينة أول طريق السويس :رجعته على بلاده يابيه”!
السفر بالسيارة تربتك يعنى أن خسارتها بالسرقة أو بالحريق أو فى حادث سيؤلمك جدًا.. فجثتها لابد أن تعود ولو كانت مجرد رفات ..وإلا!
-مازلت أذكر ذلك المشهد!
- مازلت اذكر ذلك الشاب الذي فاجأني وهو في الميكروباص..واطل برأسه بغتة وهو يقول لي :”أديني انا العربية دي بس وانا افرجك هعمل بيها إيه” ؟
-كيف عرف أنني مش عارف أعمل بيها ال “إيه” التى يلمح اليها؟ من أين راوده هذا الشعور وعلى أي أساس؟
كيف له أن يعرف ما لا أعرف أن أعمله؟ أو أقوم به؟ كيف لهذا الذي لايعرفني أن يتصور وظيفة ل”عربيتي” غير أنها توصلني إلى الأماكن التي أريدها؟ ولا مالذي يجعله يتصور أن ل” العربية مهمة أخرى لا أعرفهاأنا؟ وهل يمكن لراكب ميكروباص لايملك عربة أن يكون أكثر معرفة بدور وقدرات عربة أكثر من مالكها المتمرس على الأنواع والطرازات.. وإفناء عمره في شراء وبيع السيارات؟ ألم يضيع في البحث عن سيارة ينزلها إلى مصر عمره؟
-غريب هذا الذي لم يترك سيارتي اللادا نيفا في حالها.. حديثة وآخر موديل ولكنها معطلة! هداني التفكير إلى محاولة قيادتها بهدوء إلى شارع معروف.. رغم ثقتي ان الميكانيكية هناك “بيشتغلوني”.. وقد حدث! لم يتم إصلاح العطل رغم أن الميكانيكي أوهمني بأنه فعل ! مع ان مصر بيت الميكانيكية.. والتفنن في إصلاح اعطال السيارات والعربات الروسية : زيل ولادا الخ. وقررت وأنا في شارع معروف أن اتخلص منها.. بسرعة . قدت العربية محاولا أن اتقمص شخصية راكب الميكروباص إياه .. سألت نفسي” ياترى كان ممكن يعمل إيه غير اللي بعمله” ؟ ذهبت للتنزه بالسياره على النيل.. هل هذا مما كان سيقوم به؟ انها نزهتي المفضلة! هل سيسافر إلى الإسكندرية؟ أم سيذهب إلى قريتهم ويستخدم الكلاكس “عمال على بطال”متباهيا أمام أهل القرية؟ اسكندرية ممكن.. إنما المباهاة بالسيارة في قريتنا عملية ستحصد سخرية الجميع.. وليس هذا وحسب فهذا ضد تكويني! هداني حدسي إلى الموضوع الذي لايزال يشغل بال كل الناس.. الشاب والكهل.. المرأة والرجل ..إنه الحب والجنس .. الحب الذي يقود إلى علاقات حميمة.. العالم العربي رغم كل هذا الانفشاخ على عوالم التعري والاباحة والاباحية لم ينجح في حل مشكلة الجنس حتى اليوم.. وكل شاب يحلم بفتاة.. وحينما ترضى عليه وتتحدث معه يصبح هاجسه أن يمسك يدها بأي شكل.. ثم يقبلها ويسير معها ويده على خاصرتها وهكذا. أما الرجال حتى المتزوجين فهم يحلو لهم الحب خارج إطار الزواج.. وهذه الفريسة المحرمة أروع من الفريسة المحللة! هنا أدركت مايفعله أو مايرجو أن يفعله ذلك الذي أطل براسه من السيارة ليقول لي وأنا “محتاس” بسيارتي الجديدة التي تعطلت في الشارع “إديني العربيه دي وهفرجك هعمل بيها إيه؟
-بطريق عودتي إلى الكويت تعطلت اللادا نيفا مجددًا ، عند آخر بنزينة (فى تللك الأيام ) قبل دخولى طريق السويس.. سألت عن الميكانيكي بالمحطة ،ورجوته أن يفعل شيئا حتى أسافر باطمئنان ..متوعدًا “بنت الهِرْمَه “هذه بالتخلص منها فور وصولى .. قال لي: افتح كده الكبوت يااستاذ؟ وإن هي إلا لحظة واحدة حتى نظر داخل الموتور وأمسك “بالسيرفو ” ثم رفعه بيده ، ثم وضعه مجددا بطريقة مختلفة وقال قولته الشهيرة :”كده يابيه السيرفو على بلاده”.. ألم ا قل لكم أن مصر بيت الميكانيكية؟!
-رحلة عودتى الى الكويت بسيارتي كانت محفوفة بالمخاطر ..تمر عبر بلد لا يحب الروس ولا صناعاتهم ولا منتجاتهم ولا حتي عقيدتهم ..يعتقد انهم جميعا ملحدون كفار ..ولذا فأن السعودية قادت تحالفا عربيا ضد الشيوعية لإسقاط النظام الحاكم فى كابول افغانستان .وزرعت إبن لادن هناك ،كى يعاون أشاوس طالبان فى المهة!هذا البلد لايعترف كما البلدان الخليجية بإصلاح الأعطال الميكانيكية ، وهو مثل دول خليج أخري “يفك ويرمى ويغير “معندوش يامه ارحميني “وبما أنه لا يحب الروس ولاصناعاتهم فمعني هذا ان عربيتي اللادا نيفا لو عملتها وعطلت مفروض أرميها وامشي من غيرها .. وفوق هذا وذاك أدفع قيمة جماركها فى الكويت !
هذا يقودنا للحديث عن إحدي أكبر المشكلات التى تواجه المصريين بالخارج وهى “الترتبتك ” . من المؤلم أن تفقد سيارة دخلت بها مصر تريببتيك . سواء بالسرقة أوبالحريق والتفحم ..أو حتى بتدميرها فى حادث !لابد أن تعيد جثتها ورفاتها الى البلد المصدرللتريبتك،وإلا ستعود عليك الشركة وعلى كفيلك بطلب الدفع أو الحجز. رحم الله كفيلى صاحب التوقيع الدائم لى على دفاتر التريبتك!
-وصلت “بالعافية” إلى الكويت ..فى اليوم التالى ذهبت لورشة لادا ..حكيت للميكانيكي المصري الذي يعمل هناك .. وأبلغته أن العربية مازالت تحت الكفاله ( أغرب كفالة فى التاريخ ..مدتها على سيارة حديثة ٦شهور فقط !!!) تعاطف معى .. ودخل إلى الورشة ، وقام بفك “سيرفو جديد نوفى “وقام بتركيبه بسيارتي، و”لا من شاف ولا من دري”!
-قدت السيارة التعيسة -إلا قليلا – إلى شركة تجارة السيارات التى تبيع بيجو ومازدا ..كان أن عقدت العزم على التخلص من اللادا نيفا وشراء بيجو٤٠٦ الشهيرة .كان عليها عرض بخفض مبلغ الشراء..حوالى ٣٠٠دينار .قلت لنفسي البيجو أفضل من اللانسر ( تشاءمت منها بعد أن أشتري زميلنا فؤاد رضوان الصحفى الرياضي بالوطن ، والمدرس أيضا سيارة لانسر حديثة ، وبعد حادث وقع له أصبحت أثرًا بعد عين )
البيجو -ثالث سياراتى التى اشتريتها خلال سنواتى الخمس الأولى لى فى الكويت تتسم بالقوة ، وهى مفضلة فى مصر ، والميكانيكية يعرفونها ويحبونها .كما أن الزياني وكيل بيجو – هونفسه آنذاك وكيل طراز مازيراتي ( سعرها أربعون ألف دينار )- كان لديه خدمة التبديل يشتري سيارتك المستعمله ، ويعطيك الزيرو. وهكذا خسرت فى النيفا حوالي ١٣٠٠دينار..(خلال شهرين فقط)!
البيجوالجديدة ” ركوبة ” حقيقية.. لكن الكويت وجوها لا يناسبها سوي الشفر. أقوي واعظم سيارة اميركية .. كانت أفضل من الكاديلاك .. وأعظم من الأولدز موبيل ..والبلايموث، ودودج وكرايسلر، وجى إم سئ ، تاريخيا الكويت كلها بمواطنيها وبدونها ووافديها كلهم فضلوا ركوب الشَفَرْ البيضا ..هكذا تنطق .. لا أحد يقول شيفروليه ولا حتى الوافدين . وحتى عبد اللطيف فرحات إبن عمتى وكان يعمل بورش النجارة بالجامعة كان يفكر بشراء الشفر .. وتحديدًا البيضاء. والشفر الاميريكية لم تنافسها سوي الفورد ..أما السيارات الالمانية واليابانية-عدا اللاندكروزر والطوارق- فكانت دائما مثارتخوف لدي أهل الكويت ..الذين أقبلوا على البى إم والمرسيدس بعد الغزو .
كلهم الا أنا ركبوا الشفر وفضلوا الامريكى.. يحيي حمزة( شفر بربع هاردتوب حمراء .. بابان فقط) ..شوقى محمود .. جاسم التنيب ..حسام فتحى ..وليد العازمي ..خالد الكويتي ..فوزي عويس..عبد الحميد بدر الدين ..احمد سمير ..سيد الوهيدي ..سيد هويدي ..عاطف زيدان فيما بعد ..
كان ذلك فى ميزان أخطائي طبًعا وليس فى ميزان حسناتى..فبعد سنوات بدأت عيوب البيجو تظهر ..قالوا لى فى ورش الميكانيكا اللى عندو بيجو ورينو الله يعينو!
محمود الشربيني