علشانك يا مصر بقلم : فوزي عويس.. الكنيسة المصرية والمواقف الوطنية
كتب فوزي عويس مقال بعنوان الكنيسة المصرية والمواقف الوطنية وجاء المقال:
في أبريل من العام 2014 التقيت قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وحاورته حوارا طويلا وسألته عن مشاعره يوم 14 أغسطس من العام 2013 الذي شهد تدمير 100 كنيسة وموقع مسيحي بصورة شرسة بواسطة الجماعة الإرهابية فقال “أنا مواطن مصري يهمني حال الوطن قبل الكنيسة وقد قلت لوفد الكونجرس الأمريكي الذي جاءنا زائرا بأن حرق الكنائس ثمن الحرية وبناء الديمقراطية ونحن ندفعه بحب ، ونرفض وبصورة قاطعة أي تدخل خارجي ولو بذريعة حماية الأقباط ،كما نرفض أي حديث عن مشروع أمريكي خاص بترميم الكنائس لأن الحكومة المصرية قامت بواجبها الكامل في ذلك بجهود مصرية وأموال مصرية ، ودعني أذكر لك قصة من التاريخ مفادها أن البابا بطرس الجولي الذي كان البطريرك رقم 109 للكنيسة استقبل السفير الروسي الذي كان موجودا في مصر آنذاك وعرض عليه حماية قيصر روسيا فقال له البابا : هل قيصر روسيا انسان مثلنا وسيموت مثلنا ؟ فأجابه السفير :نعم ، فقال له البابا :اذن اذهب اليه وقل له أننا في حمي ملك لا يموت ، وهذا هو خط الوطنية في الكنيسة الوطنية الذي يسلكه ويمثله كل بابوات كنيسة مصر ” .. انتهي كلام البابا تواضروس الذي عبر به عن عن حالة مصرية شديدة الخصوصية لا شبيه لها في شتي ربوع المعمورة فكثيرة هي المواقف الوطنية القبطية المصرية التي سجلها التاريخ في أنصع صفحاته ومن بينها رفض الأقباط مساعدة الصليبيين ووقوفهم الي جانب صلاح الدين ، وفي عهد “محمد علي” انتشرت شائعة مفادها بأن البابا طلب منه اعفاء الأقباط من الخدمة العسكرية فأصدر البابا بيانا جاء فيه” حاشا لله أن أكون جبانا فأفعل ذلك”، وعندما قام المندوب السامي البريطاني في مصر اللورد “كرومر” بمطالبة البطريرك “كيرلس الخامس” بأن تكون الأقليات في مصر تحت حماية التاج البريطاني رفض ولقنه درسا جعلت “كرومر” يقول: الفرق الوحيد بين الأقباط والمسلمين في مصر أن القبطي يعبد الله في الكنيسه بينما يعبد المسلم الله في المسجد ، وقد سجل لنا التاريخ أيضا أن الخليفة العثماني كان قد أعلن أن زعيم الثورة العرابية خرج عن الطاعة السلطانية وقف البابا “كيرلس الخامس” الي جانب ثورة عرابي ،كما ساند ثورة 1919 وطالب الأقباط بالمشاركة فيها وأمر بفتح الكنائس للشيوخ لإلقاء خطبهم من منابرها وذهاب الكهنة الي الجامع الأزهر لإلقاء الخطب منه ، وصرخ خطيب الثورة القمص “سرجيوس” قائلا: اذا كان الإنجليز يتذرعون بحماية الأقباط من أجل البقاء في مصر فليمت الأقباط وتعيش مصر حرة مستقلة ، هذه مجرد أمثلة لبعض من المواقف الوطنية القبطية التاريخية التي حفظت العهد للمسلمين الأوائل الذين حموا الأقباط من بطش الرومان بقيادة”عمرو بن العاص” ، ولاتزال جدران الكنيسة المعلقة بالقاهرة شاهدة علي ذلك من خلال عهد قدمه “عمرو بن العاص” لحماية الكنيسة يلعن فيه كل من يحاول تدميرها أو هدمها أو الإعتداء علي جزء منها ، وبقي الأقباط لهم ما للمسلمين وعليهم ماعليهم حتي جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وأعلي من قيم الوحدة الوطنية بالوطنية الواحدة وكان أول رئيس للجمهورية يزور الكاتدرائية ويحتفل منها معهم بأعيادهم بعد أن أعاد الكنائس المدمرة الي أفضل من سابق عهدها والتي تسابق المسلمون في المشاركة في ترميمها وتطويرها ان الأقباط هم الأقرب لنا كمسلمين كما أخبرنا قرآننا العظيم “لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون” ، كما أن رسولنا العظيم صلي الله عليه وسلم أوصي بهم وقال “سيفتح الله عليكم مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم صهرا وذمة” ، كما أنه القائل “ألا من ظلم منكم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيحه يوم القيامة” اخواننا الأقباط : كل عام وأنتم ومصرنا الغالية بخير .. نقولها لكم بملء الفيه بدء من فضيلة امامنا الأكبر شيخ الأزهر وفضيلة مفتي الجمهورية ومرورا بالعلماء الثقاة وانتهاء بكل المسلمين الذين شربوا معكم من نيل واحد وسالت دماؤهم بدمائكم في معارك الشرف والعزة والكرامة ، ولاعزاء لمتنطع هنا أو موتور هناك ارتكب حماقة أساء بها الي الإسلام فمثل هذا أو ذاك ليس منا ولسنا منه .. والله من وراء القصد