تطلعات طموحة للعرب والمسلمين في انتخابات الرئاسة الأميركية
نحو الهدف
بقلم: مسعد حسني عبدالمقصود
تجري الانتخابات الرئاسية الأميركية اليوم 5 نوفمبر 2024 وسط أجواء مشحونة بالتوترات السياسية والاجتماعية، مما يجعلها واحدة من أكثر الانتخابات أهمية في تاريخ الولايات المتحدة الحديثة.
ويترقب العرب والمسلمون الأميركيون، نتائج هذه الانتخابات بفارغ الصبر، حيث إن خيارات التصويت هذه المرة قد تؤثر بشكل مباشر على مصيرهم ومستقبل أبنائهم في البلاد.
ولطالما كان هؤلاء العرب والمسلمون في قلب الجدل السياسي والاجتماعي، فقد تأثرت حياتهم بشكل كبير بالقرارات السياسية والإدارية التي اتخذها الرؤساء السابقون، بدءًا من “حرب الإرهاب” التي تلت هجمات 11 سبتمبر، وصولاً إلى القوانين التي استهدفت الهجرة والسفر مثل “حظر السفر” الذي فرضته إدارة ترامب لدى فترة رئاسته السابقة.
وقد تركت هذه السياسات آثاراً عميقة على المجتمع العربي والمسلم في الولايات المتحدة، سواء من حيث حرية الحركة أو التوجهات العنصرية التي اجتاحت المجتمع.
وإلى جانب هذه التحديات، تمثل هذه الانتخابات فرصة حقيقية للعرب والمسلمين الأميركيين للتعبير عن أصواتهم والمطالبة بحقوقهم، فمع تصاعد الخطاب المناهض للهجرة وللأقليات العرقية، يسعى الكثير من العرب والمسلمين الأميركيين إلى إحداث تغيير من خلال المشاركة الفاعلة في الانتخابات، سواء عبر التصويت أو من خلال الدعم المباشر لمرشحين سواء للرئاسة أو في الكونجرس للدفاع عن قضاياهم.
وعلى هذا الصعيد، تتباين توجهات العرب والمسلمين الأميركيين تجاه الأحزاب السياسية، ففي الانتخابات الماضية، كان هناك توجه قوي نحو الحزب الديمقراطي، الذي يُنظر إليه على أنه أكثر تقبلاً للتنوع الثقافي والديني. وقد ركز الحزب الديمقراطي خلال حملاته الانتخابية على قضايا مثل حقوق الإنسان، والمساواة في الفرص، والتسامح الديني. لكن في الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل أن هناك بعض القطاعات في المجتمع العربي والمسلم الأميركي الذين يشعرون بأن الحزب الديمقراطي لم يلبِّ مطالبهم بالشكل الكافي، خصوصاً فيما يتعلق بسياسات الشرق الأوسط وحروب الولايات المتحدة في المنطقة، وبشكل أكثر تجاه القضية الفلسطينية.
من ناحية أخرى، كانت فترة حكم الرئيس ترامب مليئة بالجدل بالنسبة للعرب والمسلمين الأميركيين، لأنه تبنى سياسة متشددة في مجالات عدة، مثل الهجرة والتعامل مع الأقليات الدينية. ومع ذلك، كان هناك جزء من المجتمع العربي والمسلم الأميركي يرى في الحزب الجمهوري دعماً للقيم المحافظة، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية.
وإذا تطرقنا إلى التطلعات الكبرى التي يحملها العرب والمسلمون الأميركيون تجاه انتخابات 2024 سنجد أنها تتمثل في عدة نقاط رئيسية يمكننا إيجازها كما يلي:
أول هذه التطلعات: حماية حقوقهم المدنية ومكافحة التمييز العنصري والديني، وذلك عبر انتخاب مرشح يعزز من القيم الديمقراطية في البلاد.
ثانيًا: إن العديد من العرب والمسلمين يطالبون بسياسات أكثر عدلاً فيما يتعلق بالهجرة واللجوء، خصوصاً بعد الممارسات السابقة التي كانت تشدد القيود على الهجرة من بعض الدول المسلمة.
ثالثًا: يتطلع هؤلاء المواطنون إلى دور أكبر للولايات المتحدة في دعم قضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، بما في ذلك دعم حقوق الفلسطينيين في إطار حل عادل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وضرورة دعم استقلال دولة فلسطين الحرة على أرضها الأبية.
من جهة أخرى، فإن قضية الإسلاموفوبيا تبقى هاجساً مهماً بالنسبة للعرب والمسلمين الأميركيين، حيث يطمحون إلى تعزيز مكافحة الكراهية ضد المسلمين وبناء مجتمعات أكثر تسامحًا وتفاهمًا. كما أنهم يرغبون في رؤية سياسات تتسم بالشفافية والعدالة في معالجة القضايا الدينية، بالإضافة إلى تقوية الأمن الاجتماعي والاقتصادي من خلال برامج تعليمية وصحية تعزز من مكانتهم في المجتمع.
خلاصة القول أنه، بينما يواجه العرب والمسلمون الأميركيون تحديات كبيرة في هذا السياق السياسي المعقد، فإن انتخابات تمثل 2024 فرصة تاريخية للتأثير في مستقبل البلاد. لا يتعلق الأمر فقط بتحديد الفائز في الانتخابات، بل أيضًا بفرصة لإيصال صوتهم السياسي والاجتماعي، ومطالبتهم بتحقيق مزيد من العدالة والمساواة في المجتمع الأميركي.