الإفتاء توضح أدلة مشروعية الاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة
قالت دار الإفتاء إن من الأمور المشروعة والمندوب إليها: الاحتفال بالمناسبات التي تَفَضَّلَ الله عز وجل. بأن جعلها أحداثَ فرحٍ أو انتصار؛ بحيث كلما تداولتها الأعوام وتعاقبتها الأيام، حيث تذكّر الإنسان ما كان بها من مآثر ومنن وإنعام. ؛ فيتجدّد لديه استحضار مشاعر فضل الله تعالى عليه، فيفرح لذلك في حينها كما كان فرحه أو فرح مَن سَلَفَهُ بها فى يومها.
ويزداد ذلك الاحتفال مشروعية واستحسانًا إذا تعلّق بيومٍ وطنيّ مجتمعيّ؛ كيوم انتصار مصرنا الحبيبة والعالم العربي كله في حرب أكتوبر المجيدة. ؛ ذلك أنّ الفرح بذلك اليوم يتجاوز الفرد إلى المجتمع كله، حتى اعتُبر عيدًا قوميًّا مصريًّا. يسعد فيه جميع المواطنين ويتذكرون بطولاتهم وبطولات مَن سَلَفَهم.
الأدلة على مشروعية الاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة
أما وجه مشروعية ذلك الاحتفال استفادةً ممَّا تواردت عليه نصوص الشرع الشريف، وما دلت عليه عبارات الفقهاء: فعدة أمور؛ منها:
أولًا: أنَّ الشرع الشريف قد حثّ الإنسان على أن يفرح بما تفضل الله عليه من النعم. ، ولم يُضيّق عليه في ذلك بحال دون حال، فاستلزم ذلك الفرح بها على كل حال، حاضرة كانت أو ماضية. ؛ قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58]، وحثه أيضًا على أن يظهر ما لهذه النعم من أثر عليه، لما في ذلك من إظهار شكر الله تعالى عليها. ، ومن أوَّليات إظهار أثر النعم على العبد: إظهار الفرح وبذل المِنَح؛ كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11].
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. : «مَنْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً، فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ». أخرجه الإمام أحمد في “المسند” -واللفظ له-، والترمذي في “السنن” وحسنه، والبيهقي في “السنن الكبرى” و”شعب الإيمان”.
ولَمَّا كان تعلق الإنسان بوطنه من أخص المشاعر الإنسانية وأكثرها تأثيرًا عليه؛ حتى ساوى الله تعالى بين فراق الوطن وبين القتل في أنَّ كليهما مِن أقصى العقوبات التي قررها الله تعالى. لأبشع الجرائم وهي الإفساد في الأرض؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ [المائدة: 33]. ، لَزِمَ عن ذلك أن يكون صلاح حال الوطن ورِفعة شأنه وانتصاره والعيش في رحابه مقرونًا بأجزل العطايا من الله تعالى، وأبلغ مشاعر السعادة التي يمكن أن يشعر بها إنسان.
وبيان ذلك: أنه لَمَّا كان مجرد فراق الوطن يعادل إزهاق الروح على الإنسان أَلَمًا وحزنًا. ؛ كان العيش فيه منتصرًا مرفوع الراية يعادل الحياة كلها فرحًا وسرورًا وغاية. ، فاستحق بذلك أن يفرح المواطن بنعمة انتصار وطنه، وأن يظهر فرحه لهذه النعمة.
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ
ثانيًا: أن الشرع الشريف قد حثَّ على أن يتذكر الإنسانُ أيامَ الله؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]. ، والمقصود بها: الأيام التي تشتمل على نِعم أو عبر وعظات، ولا يخفى ما في أحداث ملحمة حرب أكتوبر المجيدة. مِن نِعم وعبر ومآثر وعظات ممَّا لا ينبغي نسيانها، ولا يحسن تركها أو إهمالها، بل الواجب أن يُعَمَّمَ خبره ويشيع حديثه في كل حين. ؛ حتى تتوارثه الأجيال جيلًا عن جيل، فيكون ذلك مدعاة لدوام شكر الله تعالى واستحضار عظيم فضله ونعمائه. ، مع ما في ذلك أيضًا من إثارة العزائم وإشعال طاقات الهمم والمشاعر على أن تكون الأجيال الحاضرة والقادمة كسابقيهم منتصرين، وعلى ما وصلوا إليه مِن مَجد وفخار محافظين.
ولذا فقد عقب سبحانه وتعالى ببيان ما وراء هذا التذكير من مقاصد شرعية وحِكَم مرعية. ؛ ومنها: أن يكون الإنسان صابرًا في المحنة، شاكرًا في المنحة؛ فيصبر على ما قد يلاقيه من مصاعب ومحن. ؛ إذ يدرك بتذكر هذه الأيام والاطلاع على أخبارها أنه ما مِن محنة تمرّ به أو بالوطن، إلا وقد سبقها مثلها ممَّا قد تفضل الله بزواله. ، فيأنس بذلك؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾
#نصر_أكتوبر
#الإفتاء