مقالات
أخر الأخبار

«حاجة تخوف».. ثراء الفكرة وجودة المضمون وإبداع الإدارة

كتب : أسامة جلال

في الوقت الذي تتأهب فيه لمشاهدة عرض مسرحي لممثلين يفترض أنهم مبتدئين يتسلل إليك شعور ربما بالخوف من أن يضيع وقتك سدا في مشاهدة مستوى متدن.. ولكن عندما تعلم أنك ستشاهده في حضرة المخرج خالد جلال ومركز إبداعه القابع في حرم مبنى الأوبرا المصرية فإنك تيقن أنك ستخرج سعيدا مجبور الخاطر كمشاهد يبحث عن التميز والإبداع والمتعة البصرية والحسية بشكل عام.

هذا ما حسبته وما توقعته وما انتهيت إليه بعد مشاهدة تلك التحفة المسرحية المبهرة (حاجة تخوف) التي تعرض حاليا.. وهو عرض تخرج الدفعة الثالثة المجموعة B من استوديو المواهب بمسرح مركز الابداع الفني – دفعة ( علي فايز ) كما يطلقون عليها.

وما أن تطأ قدمك القاعة وتجلس على كرسيك حتى يبدأ يتسلل إلي فؤادك الخوف الذي يبعثه إليك ثلاث فتيات بملابس سوداء وسط أجواء محيطة من الديكور والموسيقى تبث الرعب في صدرك بحركات تستدعي ما بداخلك من ذكريات مؤلمة وكأنها رسالة ترحيبية بمن فكر أن يحضر هذه التجربة الطليعية المؤلمة.

وما أن تكتمل المقاعد بالمشاهدين حتى يبدأ العرض بديكوره المؤثر والمعبر عن الحالة.. بألوان غلب عليها الأسود الملك.. والمرايا التي تعكس ذلك الخوف الدفين والموسيقى والمؤثرات المزعجة المخيفة في أغلب الأحيان.

همهمات ولغط كفيل بأن يستدعي الذكريات ولمحات من حركات فجائية ربما تجعلك تنتفض من على كرسيك من (الخضة).. يالها من عناصر كلها تضافرت لتعبر عن الحالة الساكنة في عمق العمل وأعماق المشاهد.

(حاجة تخوف) مجموعة من اللوحات الفنية التي أحداها على الأقل تمثل تجرية شخصية لكل منا.. كتبها مجموعات العمل ليصيغه في النهاية المعلم (خالد جلال) ويضعها في إطار وترتيب صعب أن يترائى لك غيره.. لوحات جمعت ذكرياتنا وأحلامنا التي ضاعت وتلاشت مع الأيام بسبب الخوف حينا والموت أحيانا.

القصة التي يبدأ في سردها الراوي والذي يجسده مخرج العمل خالد جلال بنفسه أن هناك مجموعة متنوعة منا نحن الجمهور ويمثلنا الممثلين تقطعت بنا السبل بعد أن كنا نستقل باص ولم نجد في الصحراء إلا قصر يسكنه ربه وثلاث من بناته وخادم هو مخلوق هلامي يحمل مصباحا يرشدهم للدخول للقصر الذي وبحسب ربه يغلق أبوابه منذ غروب الشمس وحتى شروقها في اليوم التالي.

ليرحب الأب بالضيوف في القصر الذي يسع ألف ضيف وضيف محذرا من النظر للمرايا ومنبها بأن من دخل القصر لن يستطيع الخروج منه إلا بعدما ينقشع الليل حالك الظلام.. مؤكدا على جملة يجب أن يلتفت إليها جميع من حضر ومن لم يحضر ومن يفكر في الحضور.. (إن الخوف اذا سكن القلوب قتل الاحلام).

ومنذ أن يقدم لنا هؤلاء الثلة من المبدعين مشهدهم الافتتاحي وبث حالة الرعب في نفوسنا بصرخات مدوية يصحبها جملة (أنا معملتش حاجة) تتوالى اللوحات أو المشاهد المنفصلة في محتواها متصلة في موضوعها وهدفها لتستدعي بداخلنا حالات الخوف والرعب التي تصطدم حتما بموقف أو أكثر مر على أي من المشاهدين.

وتستدعي هذه اللوحات مفاهيم عميقة لأحلم عشناها ونعيشها منها أحلام الزواج والهجرة والنجومية والشهرة والحرية والحنان والثراء.. وتطارد مفاهيم أخرى كالخيانة والفقد وانكار المعروف.. والغربة والوحشة.

وتتوالى تلك اللوحات في تدفق نادر للأحداث يجعلك تعايش الشخصيات وكأنك أحدهم وتعانقهم ألما ورعبا وخوفا وحبا أيضا.. كل ذلك بأداء محترف يُظهر كم تعب هؤلاء الشباب والشابات على أنفسهم وكيف تعب عليهم المايسترو الأستاذ خالد خالد وكيفهم كل بحسب قدراته ومهاراته ليلعب أكثر من دور يظهر هذه الموهبة المدعومة بتدريب واضح أنه عنيف وطويل.. ليصبح كل كفء في مكانه مالك لأدواته.. يطوعها لما يحب أن يظهر به في كل حالة.

استطاع المخرج ولن أقول الكبير خالد جلال لأنه لقب عادي لكثيرين غيره.. وإنما أقول الأستاذ لأنه يستحق الأستاذية في الأخراج المسرحي – كما هيكل في الصحافة – استطاع أن يقدم لنا دفعة جديدة من النجوم من خلال عرض يستحق البقاء في الذاكرة كما هي عادته وعادة مدرسته التي تخرج منها كثير من نجوم الساحة في الوقت الراهن.

ويستحق خالد جلال الأستاذية أيضا لأنه جمع بين الإبداع الفني والمهارة في الإدارة فهو ليس مخرجا مبدعا فقط وإنما مديرا ناجحا بامتياز في ظل المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقة بين كواليس وزارة الثقافة.. وهي حالة نادرة أن تجمع بين الإدارة والإبداع وتتقنهما معا.

وأما فيما يتعلق بالديكور والإضاءة والموسيقى والمؤثرات الصوتية والملابس والتي عمل عليها طلاب وموظفي مركز الإبداع وفق مبدأ (زيتنا في دقيقنا) فقد جاءت رغم البساطة والتقنين الواضح في الميزانية معبرة بشكل مبهر.. وإن كان هناك بعض الملحوظات البسيطة على الإضاءة تحديدا في توزيعها وتثبيت بؤر الضوء.. علاوة على إرتفاع الصوت للمؤثرات وإن كنت أعتقد أن ذلك مقصود لبث الرعب في نفوس المشاهدين.. لكن سينوغرافيا العرض بشكل عام أتت على الوجه الأكمل الذي يصعب نقده سلبا واستطاع خالد جلال المخرج الذي مازال يعمل بروح طليعية مبتكرة عرفناها عنه منذ كان زميلا في جامعة القاهرة أواخر ثمانينيات القرن الماضي.. استطاع أن يخلق من هذه الكوكبة من نجوم المستقبل عنصرا فياضا بتشكيلات حركية تحسب كلوحات فنية وتشكيلية موحية ومعبرة أحسنه تعبير عن حالة الخوف التي اعترت الجمهور منذ غروب الشمس وحتى شروقها بعدما يستطيع أبطال العمل من كسر جمود الخوف بالتغلب على صاحب القصر وبناته وخادمه والخروج من القمقم إلى فناء الحرية.

وهنا يجب أن نشكر أبطال هذه التحفة الفنية على هذا الإبداع الحقيقي من كبيرهم محمد حسيب إلى صغيرتهم حبيبة زيتون على هذا الجهد والتميز والرصانة في الأداء والتسلل المحسوب إلى نفس المشاهد كما نذكر بأن بعض هؤلاء الأبطال يحتاج إلى تخفيف الحدة في الصراخ في بعض المواقف وهو ما يفقد المشاهد التركيز في المعنى المقصود.. ولكن بشكل عام هم جميعا يستحقون النجومية والتميز وهؤلاء المبدعون هم:هبة كامل، محمد حسيب، أشرف مهدي، مي حمدي، نادر جودة، يحيى محمود، نهى نبيل، محمد نديم، شريف رجب، خلود خالد، محمد سراج، ومنة حمدي، وأسماء غنيم، نورا نبيل، شريف إسماعيل، نانسي السمري، مدرونا سليم، أحمد خليل، جهاد أشرف، محمود جراتسي، محمد حسين “مودي”، سلمى هاني، نزار سيف، هبة السويسي، حبيبة زيتون، مجدي حمزة، لقاء الصيرفي، عمر أسامة، حبيبة النادي، شيماء بن عشا، مصطفى منصور، شاهندا علي، أية سليمان، أمنية سيد، عمر لطفي، شيماء عصمت، مارك نادي، مريم محروس، محمد القرشي، نسمة نور الدين، محمد إبراهيم، منار عمار، شريف حليم، ودنيا حلمي.

وأما تصميم الملابس فكان لمحمد نديم، وتصميم أزياء الفتيات: هبة كامل، ومصممو الديكور: الدكتور أشرف مهدي ونادر جودة، والإعداد الموسيقي: محمد سراج ومارك نادي.

بقي أن نتحدث عن المخرج المنفذ للعمل وهي الأستاذة علا فهمي.. وإن كان يقال وراء كل عظيم إمرأة فوراء كل مخرج مبدع ومتميز مخرج منفذ يساعده ليخرج ما لديه كما أراد وأفضل.. ونعتقد أن الأستاذة علا تقوم بذلك الدور على أكمل وجه وإلا لما ظلت مخرجا منفذا للأستاذ خالد في كل هذه العروض المبهرة.

(حاجة تخوف) عمل نادر بالفعل يستحق أكثر من مقال أو موضوع صحفي كونه ثري الفكرة وممتاز المضمون أدير بإبداع وتمكن

العزيز زائر وعضو الموقع، فضلاً اشترك وشاركنا على منصاتنا المختلفة.

تفاعل معنا لنكونَ دائمًا في الصدارة، ونستمر في تقديم كل ما هو مفيد وفي الصالح العام.. كن إيجابيًّا وشارك في النجاح.”

مصريون في الكويت: www.egkw.com

فيس بوك: www.facebook.com/egkwcom

انستجرام: www.instagram.com/egkwcom

تويتر: https://www.twitter.com/egkwnet

يوتيوب: www.youtube.com/@mesryoon

ثريدز: www.threads.net/@egkwcom

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصريون: www.q8eg.com

فيس بوك: www.facebook.com/egkwcom1

انستجرام: www.instagram.com/egkwcom1

تويتر: https://www.twitter.com/EGKWcom1

يوتيوب: www.youtube.com/@egyptiansinkuwaitplus3976

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكالة انباء النفط (اونا نيوز): www.oilnewsagency.com

فيس بوك: www.facebook.com/ONANEWS2022

انستجرام: www.instagram.com/oilnewsagency

تويتر: https://www.twitter.com/Oil_News_Agency

يوتيوب: www.youtube.com/@OilNewsAgency

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى