تشهد العلاقات بين مصر والهند تطورًا ملحوظا، وامتدت جسور التواصل بين البلدين، حيث قامت على مد جسور التعاون في مجال التبادل التجاري، الذي انعكس إيجابيًا على جميع المستويات سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية.
العلاقات المصرية الهندية
وقعت شركة “أوكيور إنرجي” الهندية عقودا لاستثمار 4 مليارات دولار في إنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر، على أن تبرم العقود النهائية للمشروع خلال أشهر، وتضم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر 4 مناطق صناعية، في كل من: شرق بورسعيد، وغرب القنطرة، وشرق الإسماعيلية، والسخنة، فضلاً عن 6 موانئ، هي: غرب بورسعيد، وشرق بورسعيد، والعريش، والأدبية، والسخنة، والطور.
وقال يحيى الواثق بالله، رئيس جهاز التمثيل التجاري بوزارة التجارة والصناعة أن مشروع “أوكيور إنرجي” الهندية سيستغرق نحو 6 سنوات، بحسب اقتصاد الشرق.
وخلال “قمة المناخ كوب 27″، التي عقدت في نوفمبر الماضي في شرم الشيخ، أعلنت مصر عن مشروعات عدة متعلقة بالهيدروجين الأخضر وتمويلات أخرى مرتبطة بالمناخ.
من جانبه قال الدكتور عادل عامر الخبير الاقتصادي، إن الهيدروجين “الأخضر” سيكون الأكثر استخدامًا خلال الأعوام القليلة القادمة، لا سيما في ظل تحديات أمن إمدادات الطاقة المرتبطة بالأزمة الروسية الأوكرانية وجهود مواجهة التغير المناخى، وبدأت العديد من دول العالم بالفعل في اتخاذ خطوات جادة في هذا الاتجاه، سواء من خلال وضع سياسات الهيدروجين الوطنية أو وضع أهداف طموحة ومحددة زمنياً للانتقال التدريجي إلى الهيدروجين الأخضر، كمصدر رئيسي للطاقة.
وأضاف عامر في تصريحات صحفيه له ، أنه في ضوء ذلك فإن شركة رنيو باور برايفت ليمتد الهندية ستبني مصنعا لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستثمارات تبلغ 8 مليارات دولار وبطاقة إنتاجية 20 ألف طن سنويا، وهو معدل قابل للزيادة إلى 220 ألف طن سنويا، من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتسعى مصر، التي تستضيف مؤتمر المناخ (كوب27) في نوفمبر، لتطوير مشاريع للطاقة الخضراء تشمل إنتاج الهيدروجين الأخضر. ونجحت مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر، خلال العام الماضي (2022)، في استقطاب استثمارات ضخمة،
وضعت القاهرة في المرتبة الثانية عالميًا والأولى إقليميًا من حيث الاستثمارات الأجنبية التأسيسية المباشرة، بحسب شركة الأبحاث “إف دي آي إنسايت”.
وتبلغ طاقة المشروع 20 ألف طن سنويًا، قابلًا للزيادة حتى 220 ألف طن سنويًا، وباستثمارات تصل إلى نحو 8 مليارات دولار وفقاً للبيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، ومن المقرر تنفيذ المشروع على مراحل، أولها مرحلة تجريبية لإنتاج 20 ألف طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر، من خلال محلل كهربائي سعة 150 ميغاواط مزود بـ570 ميغاواط من الطاقة المتجددة لإنتاج 100 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا.
الهيدروجين الأخضر
وتابع : إن حجم استثمارات الهيدروجين في مصر المعلنة بلغ نحو 107 مليارات دولار، إذ استحوذت القاهرة على نحو 40% من إجمالي الاستثمارات المعلنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار إلى أن الهيدروجين الأخضر الموضوع الأبرز الآن على ساحة الاقتصاد الأخضر العالمي، حيث أعلنت العديد من الدول حول العالم بما فيها الدول المتقدمة مثل أستراليا وفرنسا، وأيضا الأسواق الناشئة مثل الهند والبرازيل، عن مبادرات للهيدروجين الأخضر.
وانضمت مصر أيضا لتلك الأسواق، وقالت الحكومة إنها ستعلن قريبا عن مشاريع تتعلق بالهيدروجين الأخضر كجزء من مبادرة وطنية، كما تهدف إلى دمجه في إستراتيجية الطاقة 2035، ومع مثل هذه الطموحات الكبيرة، سنلقي نظرة اليوم على الهيدروجين الأخضر وما يمثله لخطط مصر الحالية.
وأوضح أنه يمكن استخلاص الهيدروجين عبر عمليات كيميائية من الوقود الأحفوري والكتلة الحيوية، أو المياه، أو من مزيج من الاثنين معا، ويعد المصدر الأساسي لإنتاج الهيدروجين في الوقت الحالي الغاز الطبيعي. وعلى الصعيد العالمي، ينتج 6% من الغاز الطبيعي العالمي نحو 75%، أو 70 مليون طن من إنتاج الهيدروجين السنوي، وفقا لوكالة الطاقة الدولية. ويأتي الفحم بعد الغاز الطبيعي، وذلك نظرا لاستخدامه بكثرة في الصين، كما ينتج جزء صغير من استخدام النفط والكهرباء.
وأكد أن الهيدروجين الأخضر يحتوي على ما يقرب من ثلاثة أضعاف الطاقة التي يحتويها الوقود الأحفوري، مما يجعله أكثر كفاءة، وفقا لمقالة نشرتها كلية كولومبيا للمناخ. ويمكنك أيضا اعتباره مضاعف للكهرباء – فمع بعض الماء وقليل من الكهرباء، يمكنك توليد المزيد من الكهرباء أو الحرارة. كما أنه متاح على نطاق واسع.
وعلى الصعيد العالمي، يجري إنتاج نحو 120 مليون طن من الهيدروجين سنويا، معظمه باستخدام الغاز والفحم الأحفوري اللذين يمثلان معا 95% من الإنتاج العالمي، وفق تقرير إمدادات الهيدروجين العالمي لعام 2021 الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. وفي عام 2020، جرى استخدام أكثر من 60% من سوق الهيدروجين العالمية البالغة 150 مليار دولار في عملية إنتاج الأمونيا، تلتها عملية تكرير النفط وإنتاج الميثانول، طبقا لصحيفة فايننشال تايمز.
ووجدت عدة استخدامات تجارية بالفعل للهيدروجين كمصدر للوقود، بما في ذلك في سيارات الركوب والحافلات وحتى المكوكات الفضائية.
التبادل التجاري بين مصر والهند
توقع أنه وبحلول عام 2050 ستصل قيمة تلك السوق إلى 600 مليار دولار، وستستخدم بشكل رئيسي في قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والكيمياء والإنشاءات، وينتج الهيدروجين الأخضر عند القيام بفصل المياه عن طريق التحليل الكهربائي، والذي يستلزم تمرير تيار كهربائي خلالها، وبذلك تنفصل المياه إلى هيدروجين وأكسجين، وبهذه الطريقة، يمكن استخراج الهيدروجين من المياه، كما ينطلق الأكسجين في الهواء الذي يجعل الهيدروجين أخضر عندما يجري توليد الكهرباء المستخدمة لفصل المياه من مصادر الطاقة المتجددة.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه “في حين أن أقل من 0.1% من إنتاج الهيدروجين العالمي المخصص حاليا يأتي من التحليل الكهربائي للماء، ومع انخفاض تكاليف الكهرباء المتجددة، لا سيما من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، هناك اهتمام متزايد بالهيدروجين الناتج عن استخدام التحليل الكهربائي للمياه”، وعلى الجانب الآخر، فإن الطرق التقليدية لاستخراج الهيدروجين تتسبب في انبعاث ثاني أكسيد الكربون.
واستكمل أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجه في يوليو الماضي بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، وتتطلع الحكومة إلى إطلاق مرحلة أولية من المشروعات التي قد تصل قيمتها إلى 3-4 مليارات دولار، وفقا لتصريحات سابقة لوزارة الكهرباء.
ومن المتوقع إلى حد كبير أن يكون لصندوق مصر السيادي، الذي تتمثل مهمته في تعزيز الاستثمار في العديد من القطاعات ذات الأولوية من خلال الشراكة مع مستثمري القطاع الخاص وإشراكهم في حصص الأغلبية، دور في دراسة العديد من مشروعات الهيدروجين.
ولفت أن حجم التجارة بين مصر والهند خلال العام المالي 2021/ 2022، بلغ نحو 7.26 مليار دولار ، بزيادة 75% عن العام المالي 2020/ 2021.
واختتم أن الزيوت المعدنية / البترول والأسمدة والكيماويات غير العضوية والقطن سجلت أهم الصادرات المصرية إلى الهند، بينما لحم الجاموس والحديد والصلب والمركبات الخفيفة والغزل القطني أهم صادرات الهند إلى مصر.
لافتاً أن عدد الشركات الهندية في مصر بلغ أكثر من 50 شركة بإجمالي استثمارات بلغت 3.15 مليار دولار في مجالات عديدة، وتُوفر نحو 35 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
ولفت أنه جاء على رأس هذه الشركات شركة تي سي آي سانمار بأكبر استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار تليها الإسكندرية كربون بلاك وكيرلوسكار ودابر الهند وفليكس بي فيلمز ودهانات سكيب ومجموعة غودريج ومجموعة ماهيندرا ومونجيني.
وتتوقع الحكومة المصرية أن يصل إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مشروعات الهيدروجين الأخضر إلى نحو 81.6 مليار دولار بحلول 2035، وتستهدف البلاد التوسع في تلك المشروعات، حيث وضعت استراتيجية وطنية خاصة لذلك، وتهدف إلى دمجها في استراتيجية الطاقة 2035، في إطار خطط التحول إلى الحياد الكربوني، وخفض الانبعاثات من قطاع الطاقة.
ولدى مصر القدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة الأقل في العالم، ومن المقرر أن تنخفض تكلفة الإنتاج لتصل إلى 1.7 دولار لكل كيلو جرام عام 2050 مقارنةً بـ2.7 دولار عام 2025؛ كما يُتوقّع أن تسهم الاستراتيجية بتخفيض واردات مصر من المواد البترولية، وتقليل انبعاثات الكربون.