وقائع سجال فكري بين نقاد ومبدعين ..اجتمعوا علي تشريح الشعر الجاهلي ! *الدكتور عيد : الشعر هو ارثنا الخالد وعلى كل جيل نقدي أن يعيد النظر فيه. *إمري القيس عند القدماء هو من عَبّدَ طريق الشعر وأنار درب سالكيه وعند المحدثين من انتقل بالصحراء من نثرية العدم إلى الخلود. غايتي استمالة قارئي فالاستمالة مقصد كل حجاج واستعادة الوظيفة الجليلة للنقد. *د.اسماعيل: ليس صحيحا أن منهج الحِجَاجْ يصلح لنقد كل القصائد .. فكل نص يفرض منهج دراسته . *اخشي على عبد الباسط من تكرار توظيف الحجاج والدخول على النصوص بمقولات مسبقة . *د.شوقي:في داخل الخباء لم أجد بيضة الخدر ومعها إمريء القيس فقط وانما عبد الباسط واساتذته في مشهد مربك للغاية! *تثاقفت مع الكتاب وفصوله الثلاثة بكل لذتها في امسية ماتعة بملتقى الشربيني. *وددت لو سألت: هل محمد عبد الباسط بهذا الكتاب باحث أم كاتب أم هما معاً. *مجدي صالح :شكوك كبيرة لاتزال تحيط بالمعلقات والأمل معقود على الدكتور عيد لاستجلاء حقيقتها. *أختلف مع دكتور اسماعيل في رأيه بعدم ضرورة الرد على المشككين في الشعر الجاهلي . —————————— اتسع صدر الدكتور محمد عبد الباسط عيد للجميع . السجال الادبي والفكري الرائع حول دراسته الجديدة للمُعَلّقة ..انصت إلى كل المداخلات والقراءات التي تمت في معرض مناقشة اصداره الجديد المهم "خباء النقد والشعر معلقة امريء القيس ..الشروح ..البلاغة ..الحجاج" .. وهو الكتاب السادس في مسيرته الاكاديمية والفكرية .كثير من النقاد والشعراء والاكاديميين والكتاب الصحفيين حرصوا على المشاركة في هذه الأمسية، وقطعوا مسافات طويلة للحضور إلي شبين القناطر ، ولمصادفة اجراء انتخابات نادي أدب شبين القناطر في نفس التوقيت تأخر انطلاق الامسية لبعض الوقت ، لكنها امتدت إلى مابعد الثانية عشرة بعد منتصف الليل. وقد أثري النقاش حول الكتاب الاستاذ الدكتور سعيد شوقي ،وسيرته الذاتية كما وصفها مؤسس الملتقى الكاتب الصحفي محمود الشربيني - مهمة وملهمة في آن واحد لكل من يحاول ان يجعل الابداع والنقد تاجًا على راسه وقلادة في صدرة وجوهرة في عقله ، فهو استاذ الأدب والنقد الحديث والادب المقارن بقسم اللغة العربية وآدابها بآداب المنوفية ورئيس قسم اللغة العربية وآدابه كما ان الدكتور شوقي اجري دراسة لمعلقة امريء القيس قراءة تفكيكية تأويلية ، وكما كان متوقعا دار خلال جلسة المناقشة سجال علمي ونقاش فكري حول وجهتي النظر اللتين انطلقت منهما الدراستين اللتين اعدهما الدكتور سعيد شوقى والناقد والشاعر د.محمد السيد اسماعيل الملقب بناقد الشعب.ماوراء امرؤ القيسفى تقديمه للامسية استهل الكاتب الصحفي محمود الشربيني حديثه وتقديمه للأمسية بقوله :امريء القيس يحمل اسما عجيبًا، بمجرد سماعه يوحي لي بأن عالما من الاساطير يبدأ من ذكر اسمه .والحقيقة انه قاسم مشترك عظيم في كثير من النقاشات التي تتناول الشعر العربي الفصيح ..وبصفة خاصة شعر المعلقات.وأشار الشربيني إلى أن الكتاب يقع في ٢٦٢صفحة من بينها٦صفحات خصصها لثبت المصادر والمراجع .باللغتين العربية والانجليزية .وهو عبارة عن ثلاثة فصول اولها وهو العقل النقدي حول المعلقة وهو يضم مبحثين ، ومن بين مايتضمنه هذا المبحث حديث عن تعدد روايات المعلقة وحكايتيها الاولى وهي مقتل جُحْر الملك والثانية دارة جُلجُل والثاني وهو يتضمن سؤال المنهج في قراءات المحدثين وينتهي بخلاصات الكاتبوالفصل الثاني وعنوانه البلاغة و الحجاج والثالث وهو بعنوان المعلقة ..قراءة في استراتيجيات الحجاج وفيه مبحثين اولهما جدارية امرؤ القيس وبها ستة لوحات اولها الاطلال وآخرها السَّيل والمبحث الثاني عن ظاهر النص وعالمه.——————-رؤية الناقد والشاعر محمد اسماعيل————————————-خباء النقد والشعر " هو الإصدار الجديد للناقد اللامع د.محمد عبد الباسط عيد وهو عبارة عن قراءة حجاجية تأويلية لمعلقة امرىء القيس التى تعد من عيون الشعر الجاهلى والعربى عموما ، وقد تناول الباحث هذه المعلقة من خلال الشروح القديمة مثل شرح الباقلانى على سبيل المثال الذى تناولها فى إطار بحثه فى قضية إعجاز القرآن ولكى يثبت ذلك فقد حاول – بنية مسبقة – أن يوضح عيوب هذه المعلقة فمثلا يأخذ عليها التكرار فى قوله " ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة / فقالت لك الويلات إنك فاضحى " فتكرار كلمة خدر يعيبه الباقلانى على أساس أنه لم يضف إلى المعنى .الحقيقة أن الباحث قد بالغ فى تقدير مافعله هؤلاء الشراح حتى أنه جعل مايقوم به الشارح جوهر مايقوم به الهرمنيوطيقى وهو قول مبالغ فيه جدا لأن دور الشراح لم يزد عن البحث عن المعنى ودورانه بين العديد من الشعراء مبتعدين عن قضية " السرقات " التى انشغل بها النقاد كثيرا ، غير منتبهين لقول الجاحظ " المعانى مطروحة فى الطريق يعرفها العربى والعجمى إنما الشعر ضرب من التصوير" ، ثم ينتقل الباحث إلى قراءة المعاصرين للمعلقة وخاصة كمال أبو ديب ومصطفى ناصف وغيرهما وأرى أنه لو عاد لكتاب التفسير الأسطورى للشعر للدكتور وهب رومية- بالإضافة لمن رجع إليهم - لكان أفضل وأكثر إثراء لبحثه ، وفى آخر الكتاب يتعامل الباحث مع المعلقة باعتبارها جدارية كبيرة تضم مجموعة من اللوحات مثل لوحة الأطلال ولوحة الليل ولوحة الحصان ولوحة السيل وأطلق على كل هذا جماليات التجاور وإن كنت أرى أن جماليات التجاور فكرة حديثة تكلم عنها الشاعر صلاح عبد الصبور فى كتابه " حياتى فى الشعر" وسماها القصيدة " العنقودية " وضرب لها مثلا بقصيدته " رحلة فى الليل " كما كتب الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى العديد من القصائد التى يصدق عليها هذا الوصف ، وميزة هذا الكتاب أن صاحبه منحاز للنص موضع الدراسة وأنه يجمع بين الانضباط المنهجى والقدرة على تذوق الشعر على أننى أخشى عليه من تكرار توظيف القراءة الحجاجية والدخول على النص بمقولات مسبقة وأرى أن كل نص هو الذى يفرض منهج دراسته محاولا الإجابة عن سؤالين هما : كيف بنى الشاعر أو الروائى العمل ، ولماذا بناه على هذه الصورة والإجابة عن السؤال الأول تجعلنا فى قلب النص والثانى يفتح النص على العالم. ——————-الشربيني عن عبد الباسط ومعلقة امريء القيس————————————————-في مقدمته البديعة يكشف الدكتور محمد عبد الباسط اسباب ولعه بالمُعَلّقة وهدفه من هذه القراءة الجديدة فيشير الى ان العرب لم يعرفوا من الشعر ماهو أشهر من المعلقات ، ولا يقدمون على امريء القيس ومعلقته شاعرا اخر ، ويقول نصا:"هو عند القدماء الشاعر الذي عبّد طريق الشعر فحدد سبله واشعل خياله وأنار درب السالكين فيه وهو عند المحدثين الشاعر الذي منح عالم الصحراء طاقة الترميز الفنية الهائلة ، فانتقل بها من نثرية العدم إلى خلود الشعر وحيويته ، فلم تعد الأطلال بقايا أماكن غادرها أصحابها ولم يعد رحيل الأحبّة حدثا عاديًا تطويه الرمال ، ولم يعد الفرس مجرد مجرد حيوان ينتقل به الانسان من مكان إلى مكان آخر في الصحراء.ويشير د.عبدالباسط الى انه على مر العصور حاول الطامحون والحالمون من اجيال مختلفة الاقتراب من خباء الشعر او المخبوء في الشعر من جمال ، او بلغة العاديين "المستخبي" واجتياز ماحوله من اسوار ومتاريس كي يظفروا مثل امريء القيس ب"بيضة الخدر"..أو كما يقولون بيضة القفص .. بكل ماتعنية من فوز بجائزة ثمينة ، وهي كشف مكامن الجمال المخبوء في الشعرويتساءل د.محمد عبد الباسط ولماذا لا نحاول باساليب مختلفة الاقتراب من شعر امرؤ القيس ، والشعر هو ارثنا الخالد وعلى كل جيل نقدي ان يعيد النظر فيه .ويوضح أن هذه القراءة لها هدفان اولهما يتصل بالفضاء المعرفي لحقل نقد النقد ، "فقد حاولنا هنا محاورة شُرّاح إمريء القيس ونقاده"والثاني هو تقديم مقاربة تأويلية من منظور حجاجي لمعلقة امريء القيس ،بما هي خطاب جمالي قابل للتفتح والوجود في الحاضر وسنقترب بتقدير ومحبة من عقل هذا الشاعر وهو يفكر ويحلم ويتساءل محاججا حول الذكريات والزمان والمكان والحب والموت والولادة والمصير.ويضيف الدكتور عيد مخاطبا قارئه :لقد تخففت ماستطعت من كل مامن شأنه أن يبعدك عن المتابعة ويصدك عنها فلم تكن الغاية هنا أن احيطك علما بالحجاج وآلياته وخطاطاته وتياراته وخلافات الدارسين حول قضاياه "…وانما الغاية أن أستميلك إلى عالم هذه القصيدة من هذه الزاوية المنهاجية الخاصة ، و"الاستمالة "بحد ذاتها مقصد كل حجاج والغاية من ذلك ان نستعيد مرة أخري هذه الوظيفة الجليلة التي كان النقد يحرص عليها ، واقصد بها متعة الكشف والتذوق ومشاركة النقد .——————رؤية أ.د سعيد شوقى——————-من جهته قال الاستاذ الدكتور سعيد شوقى :أبدا لم يكن فتحي لغلاف كتاب خباء النقد والشعر للدكتور محمد عبد الباسط عيد فتحا لغلاف كتاب حقيقي وإنما كان فضا سحريا لستر وبر خباء بيضة خدر امرئ القيس . في داخل الخباء لم أجد بيضة الخدر ومعها امرؤ القيس وحدهما ولكني تباغت بحضور د. محمد عبد الباسط عيد وأساتذته من التراث كالقاضي أبي بكر الباقلاني وابن الانباري ومن المعاصرة كطه حسين ومصطفى ناصف ودهشت أيضا من وجود صديقة له تدعى سهام نور . كان المشهد مربكا ، لا بالأشخاص فقط ، بل بالمتاع أيضا ؛ فقد وجدته يحمل غرائر من رقوق الحجاج والسميولوجيا وتحليل الخطاب . وحينما شعر باضطرابي تجاوز بي وببيضة الخدر الأحراس والأهوال إلى الفضاء الخارجي الآمن ، وحالما هدأت شرع يطربني ؛ معاني وبيانا وبديعا ، في مئتي وثلاث وخمسين صفحة عن بهاء جمالها ، مما صاغني عيان خيال الحور المقصورات في الخيام. ومع تبصري في كل هذه الملاحة مجّدت الله كثيرا أن نور وهج مصر العقلي واتقاد مخيلتها وعرامة تذوقها ما زال حيا نابضا في عقول وخيال وذائقة أبنائها . ينسج الكاتب بهاءه في ثلاثة فصول من اللذة ، أوله العقل النقدي حول المعلقة ، وثانيه الحجاج والتخييل ، البحث عن حيوية النقد ، وثالثه المعلقة قراءة في إستراتيجيات الحجاج ، ويمثل هذا الفصل ارتكاز الكتاب الأعلى في مبحثين ؛ جدارية امرئ القيس ، والإيقاع ظاهر النص وعالمه . ولقد تثاقفت مع الكتاب في سهرة ماتعة في ملتقى الشربيني الثقافي بشبين القناطر ، وأعربت تفصيلا عن جماليات إفاضته ، ويممت على بعض ما مر عليه سريعا ، فالكتاب في ظل رؤى انبهاره بتذوق بيضة خدر شاعره ، وما صاحبها بعدُ من أطلاله وقيد أوابده وسيله في أيامه وليله ؛ زغللت عينه الرؤى ، فتواضعت أمامه المناهج النقدية الحديثة الصارمة لصالح التذوق ، الحال التي صيرته يركب جواد امري القيس الأسطوري ويحلق به سريعا في الآفاق تأويلا ، ودفعتني ألهث وراءه دون استطاعة قيد ، وفي نهاية الكتاب حينما ألجمتنا صفحته الأخيرة تنبهت لسؤال لم أسأله في تلك الأمسية الماتعة : هل د. محمد عبد الباسط عيد بهذا الكتاب باحث أم كاتب أم هما معا ؟ والفارق بينهم أن الباحث يلتزم في كل ما يخط بمنهجية علمية صارمة تحده فيها حدود التأريخ المسيجة والأحكام الكلية المطلقة والإحالة المرجعية الأصيلة ، والكاتب لا تحده تلك الحدود ، والباحث الكاتب يجمع بينهما ؟ أترك لك عزيزي القارئ الإجابة عن هذا عندما تتمتع بالكتاب.———————————رؤية الشاعر والكاتب مجدي صالح——————————— في مداخلته عن الكاتب وكتابة قال الشاعر والكاتب الصحفي مجدي صالح: يجب أن أشيد بالكتاب للناقد المتميز محمد عبد الباسط عيد.. لأنه دائما ما يكون تناوله مختلفا مدفوعا بحماسه للموضوع الذي يتناوله. ورغم تحسسي من الشعر الجاهلي وتشككي في وجوده من الأصل الا أنني أعتبر أمرؤ القيس واحدا من أهم شعراء الجاهلية. لكن الأسئلة التي طرحها عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي" لا زالت مطروحة. وكنت أتمنى من الباحثين والنقد الإجابة عن هذه الأسئلة بشكل قاطع. وكان كتاب الناقد الدكتور محمد عبد الباسط عيد مناسبة جيدة كي يجيب عن هذه الأسئلة. وأختلف مع صديقي الناقد الكبير الدكتور محمد السيد إسماعيل في رأيه الخاص بعدم ضرورة الرد على التشكيك في وجود الشعر الجاهلي من عدمه. لأن من حق المتلقي الذي تربى على هذا الشعر ويردده ان يتيقن من حقيقة هذا الإبداع وكينونته. خاصة أن التشكيك في وجود المعلقات من عدمها ما زال قائما.. ولا تزال الأسئلة تطرح نفسها بلا إجابات قاطعة. ولا يمكننا أن نتجاهل ما ورد في كتاب العميد طه حسين.. خاصة أن اتبع المنهج الديكارتي وقدم حججا يصعب تجاهلها وعدم الانتباه إليها. وأري أن عبدالباسط عيد يستطيع أن يقدم لنا بحثا قيما في هذا الشأن خاصة أنه من درويش العميد فضلا عن أنه من أكثر السائرين في درب "الحجاج" كمنهج او وسيلة للوصول إلى الحقيقة وهذه الحقيقة هي ما نريد أن نصل اليه في شأن الشعر الجاهلي. —————-٠ —————-٠ طرحت خلال المناقشة اسئلة مهمة حول طبيعة العصر الذي عاش فيه إمرىء القيس وتاريخ معلقته، ولماذا نزل القرآن باللغة العربية ، وهل العرب كانوا اهل حضارة أم انهم كانوا يتذوقون الشعر فحسب ، رغم انه لم يكن هناك في ذلك الوقت أي معرفة بعلوم الكلام وبالنحو بالعروض والاوزان ، وانما تأسست كل هذه المعارف لاحقا وتعددت الاجتهادات ولكنها في النهاية لم تحسم جدالا، ولم تجب حتي عن سؤال :ماذا لو جاء القرآن بلغة الانجليز أو اليونانيين ؟ كما القي عدد من الشعراء قصائدهم بالملتقى ، فألقى الشاعر والمدقق محمد فوزي حمزة قصيدته سلمي ، وقدم شوقي نسيم قصيدة من قصائدة وكذلك الشاعر فايز تكلا . —————-