
مصر أم الدنيا ليست مقولة تتردد فقط بل هو واقع يتم ترجمته على الأرض خاصة في وقت الأزمات. فمصر الأم التي تحتضن كل من تقسو عليه الظروف وتفتح زراعيها مستقبلة كل من جارت عليه الأيام أو وجد نفسه محاصرا بالأزمات.
مصر كانت الملاذ الأول للسوريين عندما تعرضت بلادهم للحرب وجاء الأشقاء بالملايين ليسوا كمهاجرين أولاجئين. بل عاشوا على أرضها كما يعيش الابن في كنف أمه. ، وفي هذه الأيام يقدم المصريون ملحمة في استقبال بل وضيافة الأشقاء السودانيين خاصة في جنوب مصر بأسوان. حيث الاستقبال الحافل والضيافة الكريمة. والتي شبهها البعض باستقبال الأنصار لصحابة رسول الله المهاجرين من مكة إلى المدينة، والذين اقتسموا معهم أموالهم وبيوتهم.
16 ألف عبرو إلى مصر من السودان
على الجانب الرسمي صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد . بأن مصر استقبلت أكثر من 16 ألف شخص من غير المصريين عبر المنافذ الحدودية مع السودان حتى اليوم.
وقال أبو زيد إن أعداد العابرين من السودانيين تجاوزت أكثر من 14 ألف مواطن. ، وقد بلغ عدد العابرين إلى مصر ما يزيد عن ألفي أجنبي من 50 دولة و6 منظمات دولية. ، مشيرا إلى أن الجهود المصرية تتواصل على مدار الساعة “لتسهيل استقبال المواطنين الفارين من الاشتباكات العسكرية. في السودان والعمل على تخفيف معاناتهم وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة لهم”.
وزارة النقل تقدم كافة التسهيلات لللسودانيين القادمين إلى مصر
ومن جانبه أوضح كامل الوزير، وزير النقل المصري أن كافة التسهيلات تقدم إلى السودانيين القادمين إلى مصر. عبر منفذي قسطل وأرقين، حتى وصولهم لمناطق إقامتهم في المحافظات المختلفة. ، و أضاف أنه وجه وفقا لتعليمات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالدفع بقطارات إضافية لاستيعاب كثافة القادمين.
جمعية الهلال الأحمر المصري تقيم نقاط إغاثية
كما أكدت جمعية الهلال الأحمر المصري بدورها تقديم كافة التسهيلات عند منافذ العبور و الدخول. ، وإقامة نقاط إغاثية تقدم فيها العديد من الخدمات مثل الدعم النفسي، وإعادة الروابط الأسرية. ، فضلا عن توزيع مواد إغاثية وغذائية، بالإضافة إلى حقائب النظافة الشخصية وخدمات الرعاية الطبية.
وأقام الهلال الأحمر مراكز إغاثة بمنفذي أرقين وقسطل لاستقبال وتقديم الخدمات للنازحين. وكذلك المصريين القادمين من السودان، ومساعدتهم على استكمال رحلاتهم حتى الوصول لمنازلهم سالمين.
أهالي أسوان يستقبلون السودانيين ويخففون معاناتهم
وعلى المستوى الشعبي استقبلت قرية وادي كركر النوبية، السودانيين القادمين من معبر أرقين الحدودي. ، وسط محاولات الأهالي لتخفيف معاناة الأشقاء مع الحرب الدائرة داخل أراضيهم وعناء السفر الشاق وأهوال الطريق،
وتقع قرية وادي كركر النوبية، جنوبي مصر، على طريق “أسوان-أبو سمبل” السياحي. ، ويمر من خلالها السودانيون في طريقهم إلى محافظة أسوان، حيث يتم اللجوء إلى موقف الحافلات الشهير هناك للانتقال إلى المناطق المختلفة. ، وسبق وأن اشتهرت بالعديد من المواقف المشابهة مع أبناء السودان.

مواطن أسواني: نعتبر أنفسنا والسودانيين عائلة واحدة
وقال أحد المواطنين في أسوان : “تجمعنا علاقات طيبة للغاية بالأشقاء السودانيين. ، نعتبر أنفسنا عائلة واحدة، ولا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي أثناء حاجتهم للمساندة، لذلك اجتمع أهالي وادي كركر. على ضرورة تقديم يد العون إليهم فور علمنا بفتح السلطات لمعبر أرقين على الحدود المصرية السودانية.
فتحنا أبواب منازلنا لاستضافة السودانيين والترحيب بهم
وأضاف”: “توافد على القرية المئات من أبناء السودان، وبدا على الجميع الإرهاق الشديد. ، لم نتردد لحظة في فتح أبواب منازلنا للترحيب بهم، قمنا بتجهيز عدد من البيوت المغلقة. حتى يتسنى لهم المبيت والحصول على قدر كافي من الراحة قبل استكمال رحلتهم”.
توفير كافة الاحتياجات الممكنة من أطعمة ومشروبات للسودانيين
وتابع: “عملنا على توفير كافة الاحتياجات الممكنة من أطعمة ومشروبات وتلبية الطلبات الحيوية مثل التواصل مع ذويهم في السودان. للاطمئنان عليهم نظرا لفقدان البعض لهواتفهم خلال السفر فضلا عن الاتصال . بمعارفهم في أسوان أو القاهرة لتنسيق انتقالهم إلى منازلهم الجديدة بمصر”.
القرية تحولت إلى خلية نحل من أجل مساعدة السودانيين
ويؤكد ياسر جزار، مسؤول شركة نقل ركاب بموقف كركر، أن الأهالي توقعوا منذ اندلاع الأزمة في السودان. احتمالية لجوء المواطنين إلى المعابر الحدودية مع مصر، لذلك تحولت القرية إلى خلية نحل من أجل مساعدة السودانيين. بقدر المستطاع موضحا أن الكبار والصغار يشاركون في الدعم باعتبارهم أشقاء.
تكاتف لتجهيز الأتوبيسات لنقلهم إلى أسوان والمحافظات الأخرى
ويردف جزار: “لم تكن أعداد الحافلات الموجودة في موقف وادي كركر كافية بالنسبة لأعداد السودانيين. ، تمت على الفور عمليات تكاتف لتجهيز أكبر قدر من الأتوبيسات المجهزة لنقلهم إلى أسوان والمحافظات الأخرى في ظروف مناسبة. ، وهناك عشرات الحافلات القادمة من القاهرة التي ستبقى حتى زوال الأزمة”.
ملحمة شعبية على كافة المستويات لخدمة السودانيين
وقال علاء بحر، أحد أهالي وادي كرك : “بجانب القرارات الحكومية المهمة للوقوف بجوار السودانيين. ، تدور ملحمة شعبية على كافة المستويات، نحن نتلقى اتصالات هاتفية عديدة من أنحاء محافظة أسوان وغيرها من محافظات مصر لإرسال المساعدات. ، البعض يرغب في المشاركة بأي طريقة خلال تلك التجربة الصعبة”.
ويُشير بحر إلى أن وادي كركر ستظل جاهزة لاستقبال المزيد من السودانيين، فهناك الكثير من المتطوعين. الذين يقفون على الطريق لتوزيع الفاكهة والعصائر والمياه منوها إلى تدشين خيمة طبية خلال الساعات القادمة للتعامل مع الحالات الصحية الطارئة.
ندرك الأوضاع الصعبة التي يمر بها السودانيين، ونلتزم بواجبنا نحوهم
واختتم بحر حديثه قائلا: “ندرك تماما الأوضاع الصعبة التي يمر بها السودانيين. ، ونلتزم بواجبنا نحوهم لإغاثتهم وإمدادهم بجميع المتطلبات، ولن نمل من مؤازرتهم حتى نهاية الشدة. ، سنظل معا في السراء والضراء كتعبير عن علاقتنا الوطيدة معهم عبر عقود طويلة”.