مقالات

الحل الوحيد..لمصر! بقلم :محمود الشربيني

قبل أن تقرأ:
هذا البلد الذي شّبَ على أطراف اصابعه، ونفرت عروقه ، ووقف شعر رأسه ، قلقا وخوفا مع انتشار الاخبار الاولي عن احتجاز قوات الدعم السريع السودانية لجنودنا في قاعدة مروي ، وكاد ينفجر من شدة الغضب .. وربما الشعور بالاهانة، من حقه الا يعيش هذه اللحظة مرة أخري .ليس في كل مرة تسلم الجرة .
عند تاميم عبد الناصر لقناة السويس عام ٥٦ وقفت الشعوب العربية – ومصر في قلبها باليقين -على اعصابها ، فهاهي دولة صغيرة العدد والامكانيات – كبيرة التاريخ والتأثير – تواجه عدوانا ثلاثيا من أعتى دول العالم استعمارا ، واكبرها جيوشا واعظمها تسليحا .. وخرج ناصر من العدوان ظافرا بقناة السويس المصرية ، وبشعبية جبارة لم يفقدها حتي مع انتكاسة حكمه في ٦٧.
في بداية عهده أمر الرئيس السيسي قواتنا المسلحة بالثأر لبعض المصريين الذين قتلوا في ليبيا غدرًا وغيلة ، فانطلقت مقاتلاتنا علي جناح النار والبارود ولم تعد الا بحق الشهداء ،وبالطبع ثارت علينا ثائرة الامم المتحدة بقيادة أميركا .لقد غردنا بمقاتلاتنا خارج السرب ..وباليقين وفي خضم هذه الثورة ولدت زعامة الرئيس السيسي وشعبيته الجارفة. هي الآن تواجه تحديات كبري بالضرورة مع جريان مياة كثيرة تحت الجسور!
اظن -وبعض الظن ليس إثما – بل هو من الفضائل احيانا، ان المصريين في الازمات يتناسون خلافاتهم ، وينحي المعارضون الوطنيون أحاديث الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، ويرسلونها الى فنادق الذاكرة ،مؤقتًا، كلما أطلت برأسها مصيبة من النوع الذي يجرح كبرياء الوطن .وأظن أن صديقي المعارض فعل ذلك عندما تلقى أول الانباء عن واقعة حميدتي (قائد قوات الدعم السريع التي أطبقت على جنودنا في القاعدة ) ونحي الخلافات، ونحى المعارضة مع الدولة جانبًا ، وباليقين وقف مع الجنود .. وقفة الشعب الواحد.
لا ينكر احد حجم المشاعر العاصفة المؤلمة التي انتابت المصريين ..شعرنا بأن هناك ماهو فوق الغدر وما يتجاوزه إلى الإهانة، ومنها إلى الأسئلة :ما سبب إجبار الجنود على وضع اياديهم مشبوكة إلى خلف رؤسهم وكأنهم أسرى معارك؟ جنود يستحقون التحية العسكرية المتبادلة ، فما هم بمرتزقة ولا معتدين، بل مجرد مشاركين في تدريبات ومناورات متفق عليها مع قيادة الجيش السوداني !ماسبب تجاهل جنسية هؤلاء الجنود ؟ إنهم مصريون .. و السودان هو الشقيق الذي ارتبط تاريخيا وجغرافيا بمصر ، ولايزال رغم الانفصال هو العمق المصري وهو الوشائج التى لاتنقطع .وكيف تنقطع وملايين السودانيين يعيشون في مصر، واصبحوا نسيجا واحدا مع اخوانهم ، لاتفرقة ولا مفارقة.
صادم ومحزن ومؤلم ماحدث..ماذا لو ان الكاميرات نقلت مشهد اهانة من نوع ما ؟ ماذا لو انفلت العيار من احد الجند ؟ ماذا لو انطلقت رصاصة بحجم الغضب ؟ لذلك وقبل ان استقبل بكل ارتياح هدوء الرئيس والجيش المصري العظيم، في معالجة الازمة بالحكمة والتأني وادراك تام بحجم الحريق الذي يمكن ان يحدث ، كتبت اننا لا يمكننا ابدا ضرب السودان او أي دولة عربية .نحن لا نعتدي على الاشقاء ..ولكننا نواجه مثل هذه المحن بصبر وتأن .
هذا الشعب الذي عاش المحنة على اطراف اصابعة من حقه ان يتاكد انه لن يعيش لحظة مماثلة مرة اخري ، هذا لن يتاتي بغير اشراك الشعب في أمره .من حقه مصارحة ومكاشفة تعيد الاعتبار المفقود للبرلمان ، وللجنة الامن القومي ، التي كانت في زمن غابر تستمع الى شهادات من وزير دفاع بحجم ابوغزالة .ومن حق هذه الامة ان تحصل على ديمقراطية حقيقية ، وانتخابات برلمانية ومحلية ورئاسية حرة نزيهة ، وأن يكون لها حكومة كفؤة ، تعرف كيف تتعامل مع اولويات الشعب واحتياجاته وتعبر عنه وتقف الى جانبه في مثل هذه المخاطر .
لاأقلل من حجم مخاوف الدولة ممن يسميهم الرئيس أهل الشر ، الذين يتربصون بنا ويستخدمون كل الأكاذيب- والحقائق أيضا- لاستعادة مافقدوه ، ولكن في الحقيقة نحن احيانا نقدم لأهل الشر رؤوسنا على طبق من ذهب وهو مالا يجب استمراره أبدًا ..لايمكن ان نرهن مستقبل هذه الأمة بالخوف من عودة الاخوان ، وانما علينا ان نعمل ليلا ونهارا كى لايحققوا حلم العودة.
في رباعية مذهلة لعمنا صلاح جاهين ،تستحق منا ان نبروزها ونضعها فى الحفظ والصون يقول :
/حبيت اوصف الاخوان مالقيت ليهم وصف/
/قريت عن ابن سلول ومسيلمة حقيقي طلعوا أخف/
/قضيت حياتي أدَوّر لفيت الدنيا لف/
/عجز لساني عن الشتيمة فنزلت فيهم تف/
صلاح جاهين يعبر بهذه الابيات عن كل مصري ، فلماذا نترك الفرصة لأهل الشر ، ولا نقوي البلد بالحرية والديمقراطية وتداول السلطة عبر انتخابات حرة نزيهة؟
هذا هو الحل الوحيد .. لمصر !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى