مقالات

من “حياة أو موت” إلى إخلاء مريض في الكويت… الدولة التي لا تتخلى عن أبنائها.. بقلم: أمجد جلال

في عام 1954، قدّم المخرج كمال الشيخ فيلمه الخالد “حياة أو موت”، أحد أهم الأعمال الدرامية التي ناقشت قيمة الإنسان في نظر الدولة. الفيلم، رغم بساطته، أنشأ معادلة إنسانية واضحة: حياة المواطن ليست تفصيلاً، بل مسؤولية تتحرك من أجلها دولة كاملة.

واليوم، وبعد أكثر من سبعين عامًا، يعيد الواقع صياغة نفس الرسالة بطريقة أكثر عمقًا… لكن خارج الحدود المصرية هذه المرة — في الكويت — حين تحركت أجهزة الدولة المصرية لإنقاذ مواطن مصري تعرّض لوعكة صحية خطيرة تطلّبت إخلاءً طبيًا عاجلًا إلى القاهرة.

الزمن تغيّر… السيناريو اختلف… لكن الجوهر واحد: الإنسان أولًا.

الدولة في الفيلم… والدولة في الواقع
في فيلم “حياة أو موت”، كانت القصة عن رجل بسيط يُدعى أحمد إبراهيم، يحصل بالخطأ على دواء قاتل، فتتحرك الدولة — شرطة، إذاعة، صيدليات — لمنعه من تناوله.
وتحوّل الفيلم إلى رمز لحالة استنفار وطني لإنقاذ إنسان واحد.

اليوم، يتكرر المشهد، ولكن في عالم حقيقي تمامًا:
مواطن مصري يعيش في الكويت، يمرض فجأة، وتُرفع الحالة إلى أعلى مستويات الاستجابة:

متابعة مباشرة من سفارة مصر

تدخل القنصلية

تحرك الملحق العسكري

تواصل مع الجهات الكويتية

تجهيز طائرة إخلاء طبي من القوات المسلحة

ونقله إلى القاهرة في عملية دقيقة وسريعة

تمامًا كما في الفيلم… دولة تتحرك لإنقاذ واحد من أبنائها، مهما كانت المسافة، ومهما كان الجهد.

لماذا تتشابه القصتان رغم فارق 70 عامًا؟
1) المواطن البسيط هو مركز الاهتمام
في الفيلم لم يكن أحمد إبراهيم شخصية مهمة أو ثرية… مجرد إنسان.
وكذلك المواطن الذي نُقل من الكويت: إنسان بسيط، لكنه بالنسبة لبلده أولوية.

2) مؤسسات تعمل كيد واحدة
في الفيلم: الشرطة، الإذاعة، وكل الأجهزة تتحرك بسرعة.
وفي الواقع: القوات المسلحة، الخارجية، السفارة، القنصلية… الجميع في حالة تجاوب عاجل.

3) سرعة القرار… وسرعة الإنقاذ
الفيلم اعتمد على فرضية “إنقاذ اللحظة”.
والواقع أكد أن هذه الاستجابة لم تعد دراما سينمائية… بل قدرة حقيقية قائمة.

4) الدولة المصرية المتطورة… بنفس القلب القديم
رغم التطور، ورغم اختلاف الزمن، إلا أن شيءًا واحدًا لا يتغير:
المصري لا يُترك وحده.

ماذا تقول هذه الواقعة لنا اليوم؟
إنّ قصة إخلاء المواطن المصري من الكويت ليست مجرد خبر عابر…
إنها امتداد لروح قديمة تربط المصريين بدولتهم، وتؤكد أن “حياة أو موت” لم يكن فيلمًا فقط، بل فلسفة دولة.

هي رسالة بأن المصري — داخل مصر أو خارجها — له ظهر وسند.
وأن الأجهزة المصرية — مهما تعددت وتغيرت — ما زالت تعمل بروح إنسانية تحترم قيمة الفرد.

إنقاذ هذا المواطن هو تذكير قوي بأن الدولة الحديثة لا تُقاس بحجم ما تمتلك، بل بحجم ما تحفظ من كرامة أبنائها.

خاتمة
من الشاشة البيضاء في خمسينيات القرن الماضي… إلى سماء الكويت في طائرة إخلاء طبي عام 2025…
تبقى الحقيقة واحدة:

إنسان مصري واحد… يمكن أن تحرك من أجله دولة كاملة.

وهذه، في رأيي، أعظم رسالة يمكن أن نحملها معنا في زمن تتغير فيه كل الأشياء… ما عدا قيمة الإنسان.

بقلم: أمجد جلال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى