مقالات

سيدز ليست قضية مدرسة… بل قضية دولة غابت عن حماية أطفالها.. بقلم: كمال كبشه

قضية سيدز الدولية ليست حادثة شاذة ولا لحظة عابرة… إنها فضيحة منظومة تركت الأطفال بلا حماية، وتركت المدارس الخاصة تتحول إلى «مشاريع تجارية» بلا رقابة، وبلا ضمير، وبلا أدنى معايير للأمان.

الصدمة لم تكن في المتهمين فقط… بل في الأسئلة التي انفجرت بعدها:

كيف يدخل عامل نظافة أو كهربائي إلى فصل KG2؟
كيف تُفتح أبواب الروضة لغير المؤهلين؟
كيف لم تسمع الإدارة صرخات الأهالي مبكراً؟
وأين كانت الوزارة قبل أن تتحرك النيابة؟

الحقيقة أن ما حدث داخل سيدز لم يكن نتيجة خطأ فردي… بل نتيجة غياب دولة عن أهم ملف في حياة الناس: ملف «أمان أطفالهم داخل المدارس».

وزارة التربية والتعليم تتحدث كثيراً عن التطوير والرقمنة… لكنها فشلت في أبسط مهمة: أن تمنع الاقتراب من أطفال في سن الرابعة إلا لمن تثق في كفاءته ونزاهته.

والمدارس الخاصة؟ واجهات لامعة… مصاريف ضخمة… مباني فاخرة… لكن خلف الأبواب الداخلية توجد فوضى، وتعيينات عشوائية، وموظفون بلا تدريب، وبعضهم بلا فحص ولا سجل ولا تأهيل.

هذه ليست مدرسة سقطت… هذه منظومة انكشفت. وسيدز الدولية لم تُحرج الإدارة فقط… بل فضحت وزارة كاملة ظلت تغطي عورات المدارس الخاصة بالبيانات بدل التفتيش الحقيقي.

وضع المدرسة تحت الإشراف الكامل كان قراراً جيداً لكنه «متأخر»… فالأطفال الذين تعرضوا للخطر لن تشفع لهم البيانات، ولن تُعيد الثقة قرارات ما بعد الكارثة.

اليوم، السؤال الذي يجب أن يُطرح بجرأة:
مَن سيحاسب المسؤولين الذين تركوا هذه الفوضى تتفشى في مدارس مصر؟

أين قوانين التعيين؟ أين التفتيش المفاجئ؟ أين الرقابة الحقيقية؟ أين دور الوزارة في حماية أبسط حق للطفل: الأمان داخل فصله؟

قضية سيدز الدولية ليست نهاية الطريق… بل هي بداية المحاسبة. وما لم يتم إصلاح جذري، فإن كارثة أكبر قادمة… وسنسمع اسم مدرسة أخرى… وضحية أخرى… ورواية أكثر وجعاً.

الأطفال ليسوا «زبائن» لمدارس خاصة، ولا «أرقام حضور» في دفاتر وزارة. الأطفال مستقبل وطن… ومن لا يحميهم… لا يستحق أن يبقى مسؤولاً يوماً واحداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى