بسبب ثقة المستثمرين الأجانب في الاستثمارات المباشرة..96 مليار دولار زيادة خلال عام واحد

شهدت السنوات الماضية تفوق الأسواق الناشئة على الاقتصادات المتقدمة فيما يتعلق بنمو الناتج المحلي الإجمالي، فوفقًا لصندوق النقد الدولي شكلت الاقتصادات الناشئة والنامية حصة متزايدة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 56% في عام 2017 إلى 59.8% في عام 2024 بزيادة قدرها 3.8 نقاط مئوية وتشير التقارير إلى أن هناك عوامل تساهم في تعزيز نمو الأسواق الناشئة ومن ثمَّ تدفع لتطوير النمو الاقتصادي العالمي.
وتُعرف الأسواق الناشئة بأنها الدول التي تمر بمرحلة انتقالية من اقتصاد نامٍ إلى اقتصاد متقدم وتتميز بمعدلات نمو مرتفعة، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وتطوير البنى التحتية، وتشمل الأسواق الناشئة دولًا مثل الصين، والهند، وإندونيسيا، وكوريا الجنوبية، والبرازيل، وروسيا، وجنوب أفريقيا، والمكسيك.
التحول الرقمي والتكنولوجي
تشهد الأسواق الناشئة تحولات لافتة على مستوى التكنولوجيا والرقمنة حيث أصبحت هذه الدول نقاط انطلاق لعمليات التحول الرقمي بشكل سريع مدفوعة بعوامل اقتصادية واجتماعية محلية لتجاوز التحديات التقليدية مثل ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى الخدمات المالية حيث لم يعد الابتكارمجرد خيارًا بل أصبح أداة ضرورية لتسريع النمو.
وأصبحت الصين والهند وكوريا الجنوبية في مقدمة الدول المساهمة في الابتكار العالمي حيث تمثل مكاتب الملكية الفكرية في آسيا نحو 70% من إجمالي طلبات براءات الاختراع حول العالم.
تحرير التجارة ساعد في صعود الأسواق الناشئة
تعد التجارة عاملًا أساسيًا في تطور الأسواق الناشئة واندماجها في الاقتصاد العالمي خلال العقود الماضية ووفقًا لتقارير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية”UNCTAD”، ارتفعت نسبة مساهمة الدول النامية في تجارة السلع عالميًا من 22% عام 1964 إلى 44% في عام 2023.
ويرجع هذا التقدم بدرجة كبيرة إلى التوسع في تحرير التجارة منذ منتصف التسعينيات، بعد توقيع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية إلى جانب عدد من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية، وبعض القرارات الفردية التي اتخذتها الدول لدعم انفتاحها التجاري كل هذه التحركات ساعدت في توجيه دفة الاقتصاد العالمي تدريجيًا نحو الأسواق الناشئة، ومنحتها فرصة أكبر للنمو والمنافسة.
الاستثمارات الأجنبية
شهدت الأسواق الناشئة مؤخرًا طفرة كبيرة في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويدل ذلك علي ثقة المستثمرين العالميين الزائدة في إمكانيات هذه الأسواق ووفقًا حيث ضخالمستثمرين الاجنب رؤوس الأموال بقيمة 273.5 مليار دولار في أسواق الأسهم والسندات بالدول النامية خلال عام 2024، مقارنة بـ177.4 مليار دولار فقط في 2023 .
التوسع الحضري
يشهد عدد من الأسواق الناشئة نموًا سكانيًا متسارعًا، خاصة في إفريقيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، وهو ما يدفع باتجاه توسع حضري واسع النطاق يعيد تشكيل أولويات الاستثمار في هذه المناطق.
هذا التحول الديموغرافي يرتبط بارتفاع الطلب على قطاعات حيوية مثل الإسكان، والرعاية الصحية، وتجارة التجزئة، مما يجعل من تطوير البنية التحتية ضرورة اقتصادية ومجالاً واعدًا لجذب الاستثمارات.
على الرغم من التقدم الملحوظ الذي حققته الأسواق الناشئة في العقود الأخيرة إلا أن هناك العديد من التحديات التي تعرقل تطور اقتصاداتها حيث تواجه الأسواق الناشئة صعوبة في التعامل مع التغيرات الديموغرافية والاقتصادية والجيوسياسية والتكنولوجية.
التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية
تعاني بعض الأسواق الناشئة من تفاوتات حادة في الدخل بالإضافة إلى ضعف الوصول إلى خدمات التعليم والرعاية الصحية مما يعيق النمو الشامل ويستدعي ذلك من الحكومات تبني سياسات اجتماعية عادلة لضمان توزيع نتاج التنمية بشكل متوازن.
التعرض للصدمات الخارجية
تتعرض الاسواق الناشئة إلي تقلبات في أسعار السلع العالمية والظروف المالية الدولية، والسياسات التجارية وللتعامل مع هذه التحدياتهناك ضرورة لتنويع أسواق التصدير وتبني سياسات اقتصادية مرنة، وزيادة احتياطيات العملة الاجنبية.
التقلبات الاقتصادية
كما تواجه الأسواق الناشئة مخاطر مستمرة تتعلق بتقلبات أسعار العملات والتوترات الجيوسياسية مما يؤثر في استقرار النمو ويقوض ثقة المستثمرين ويتطلب ذلك تحسين مناخ الأعمال وتعزيز استقرار السياسات.
فجوات البنية التحتية
يؤدي ضعف البنية التحتية في مجالات النقل والطاقة والاتصالات إلي عرقلة النمو ويقلل من نموالاستثمارات ويُعد الاستثمار في تطوير هذه المرافق أمرًا حيويًا لتعزيز ربط المناطق وتحفيز النشاط الاقتصادي.
تحديات التعليم وتنمية المهارات
تمثل فجوة المهارات تحديًا رئيسيًا أمام أسواق العمل في هذه الدول كما يُعد الاستثمار في التعليم والتدريب المهني خطوة أساسية لتأهيل العمالة وتحقيق قفزات في الابتكار والإنتاجية.
بالرغم من التحديات تشير التقديرات إلى أن الأسواق الناشئة ستظل محركًا أساسيًّا للنمو العالمي خلال العقد القادم بفضل العوامل الديموغرافية والموارد الطبيعية والتحول الرقمي