مقالات

فاطمة العسيلي تكتب: حنين الذكريات.. ليت الزمان يعود يوما

لا يكف ذلك الحنين عن اجتياح الروح والكيان ، كثيرا ما تراودني ذكريات الطفولة ، وأستمتع بذكرى الآباء والأجداد ، أفتقد لعصر البساطة والحب والتقدير والبركة ، أتذكر العادات والتقاليد في كل مناسبة وحدث ، أتذكر حينما أرسلت نتيجة الإعدادية على المنزل بتقدير جيد جدا وأخذت أمي والجيران يرجون المنزل بالزغاريت وأرسلت جارتنا أم عماد زجاجتين شراب الشربات المركز وجارتنا تنط سهير صندوق الكوكاكولا ، أتذكر ليلة العيد وكانت أمي وجارتنا تنط جوهرة تشاركتا في عمل حلويات العيد وفشلت صينية البسبوسة التي صنعتها أمي وتناولتها انا وأبناء الجيران ، أتذكر صباح يوم العيد والمسحراتي يجوب الشوارع ويحمل معه سبت يأخذ العيدية والكعك بسكر ، وفستنان العيد الموف ، وآخر أبيض بنقط حمراء ، والأعمام والجيران يطرقون الباب الذي لا يوصد ابدا ويعطوننا عيدية العيد ، أتذكر جدتي وعمتي حين كنت أبيت معها وتسهر الليل تحكي لي الحواديت حتى يغلبني النعاس ، كنت أحب كثيرا قطع الكهرباء خصوصا في الشتاء ويوقد لنا والدي (الكلوب) ونجلس على شكل دائرة حوله ويروي علينا من مؤلفاته الرائعه منها الكوميدي فيضحكنا حتى تتورد وجوهنا وتسيل دموعنا من شدة الضحك ومنها الحزين ، ومنها الملولوجات الممتعه ، والفوازير التي كنا نعجز عن حلها ، كنت أغضب اذا عادت الكهرباء ، كنت أعشق مرافقة أبي لكل مكان يذهبه لا أتذكر أنه رفض لي طلب قط ، كنت أستمتع بسؤال أبي عني فور دخوله المنزل (فين بطه) فأهرول إليه لأخذ نصيبي من الخيرات التي لا تنقطع ويجب أن يكون هناك شيء خاص بي انا ،كان يعاملني أبي معاملة الأميرة رحمك الله ياأبي.


أتذكر في الصيف حينما كان ابي يأخذ التلفاز فوق سطح المنزل ونشاهد مباراة الدولي ثم المسلسل وبرنامج العلم والإيمان للدكتور مصطفى محمود رحمه الله ، أتذكر الملاهي في العيد وزينة رمضان التي كنا نقوم بتزين بيوتنا وشوارعنا بالأرز المسلوق والنشا ، وفانوس رمضان نوقد شمعه ونغني حلو ياحلو ، والعرق سوس والتمر هندي والخشاف ، وبوجي وطمطم وريتا وسلاحف النينجا وعم فؤاد وفطوطه😍 وفوازير نيلي وشريهان وألف ليله وليله ومن غير كلام وحديث الشيخ الشعراوي ومدفع الإفطار اشتقت لطعام أمي وكلمتين وبس للمرحوم فؤاد المهندس والإزاعة الصباحية ، اشتقت لشم النسيم وأمي تضع لنا الكحل في أعيننا ، وتلوين البيض ثم تناوله مع الكيك والشاي صباحا ، والرنجه المملحه على الغداء ، والحدائق العامة ، اشتقت لمجالسة أبي وأمي مع الجيران والأقارب كل تلك الذكريات الجميلة التي انقرضت في عصرنا ولم يعد لها وجود تلك كانت الحياة حقا ، أما ما نحن فيه الآن لا يعد حياة .


من منا الآن يستطيع أن يبتعد يوما واحدا عن الهاتف والسوشيال ميديا والتي كانت السبب في موت كل شيء جميل ونقي وطيب في مجتمعنا .
ليت الزمان يعود يوما…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى