fatmaalosily@gmail.com
حينما تسقط الأقنعة.. وتُفتقد القدرة على مزاولة التمثيل في مسرحية هزلية بعنوان (استعطاف فقير) تنكشف السحابة السوداء، التي أغشت أعين ضحايا الخداع، وأخيرا تُرفع الستار، ويتوقف العرض الدرامي الآثم الذي كانت غايته إغراق الضحية بأوهام من تأليف جائع ماكر جبان، جل ما أراده استغلال ضحيته لفترة زمنية محسوبة حتى ما انتهى منها تركها وذهب وليته تركها بسلام . لم يتردد ذلك الظالم مرة في محاولاته الغاشمة لخداع وتعذيب امرأته التي عشقته بعمق! عشق يكاد لم نعد نرى مثله في ذلك الزمان، في كل مرة ينهش قطعة من روحها لتتناثر على إثرها الدماء لتواري معالم المكان. في كل مرة يشرع في تعذيبها، تفقد جزءًا من اعتزازها به وثقتها واحترامها له كرجل وزوج، العجيب في الأمر.. أنها كادت أن تُقتل على يديه مرتين! وبالرغم من ذلك كانت تتمسك به بعد كل ذلك الأذى الجسدي والترويع النفسي والروحي! عجِبتٌ لتلك البائسة ..!؟ ألهذه الدرجة هي صادقة ومخلصة في حبها له؟! قلت لها في غضب رجّ أرجاء المكان: ماخطبُكِ !؟ لم أنت متهاونة في حق نفسك هكذا !؟ سمعت كلمة آآه تخرج منها بخفوت، بالكاد أسمعها! ثم ببطء ثقيل رفعت رأسها ونظرت إلي في انكسار، والدموع تسيل من عينيها دون توقف، حتى ألهبت حرارتها خديها المتوردين بالدماء إثر الاعتداء الآثم عليها؛ لتقول بحزن عميق: تعلمين ؟ في ذات مرة، فقدت الوعي وظللت ملقاة على الأرض لساعات، جاهدت في رفع جسدي رغما، لعلمي أنه لن يقوم بفعل ذلك، ولم أحب أن يراني ملقاة مثل الأضحية المذبوحة غدراً..! ثم تابعتَ لتقول: فصبرٌ جميل حتي يقضي الله في أمري . عاودتٌ لأسألها بغضب والدماء تغلي في أوردتي حد الانفجار ! تتكبدين كل هذا العذاب من أجل خائن بائع جبان؟! أجابتني باستسلام مطلق!؛ شعرتٌ بها تستدعي الكلمات رغما!، وتبلع ريقها وكأنها تصارع في بلع صبار مرٌ شائك: “كنت أحبه فهو كان زوجي وحبيبي !”، وتابعتَ “أعلم أنه كان قاسٍ ويؤذيني كثيرا ولا يتمتع بالود والرحمة، خاصة عند غضبه، لكني كنت رأيت في داخله طفلا صغيرا، كان ظاهره الطيبة واللطف!، لم أكن أتخيل أن يؤذيني هكذا يوما!”، وتابعت.. “في أول مرة قابلته رأيت داخله إنسانًا ضعيفًا عاد من موت محتم يعيش في انكسار وضياع فمددت له يدي فتعلق بها ورفض أن يتركها فلم أشأ أن أكسر خاطره، فآويته في بيتي وسترته بردائي وداويته في مرضه واعتنيت به وحفظته داخل صدري، كنت عينه التي يرى بها، ويده التي يبطش بها، والعصا التي يتوكأ عليها، كنت له أمًا وزوجة وحبيبة وطبيبة، ثم ابتسمت والدموع مازالت تملأ عينيها.. حتى كنت سائقه الخاص! وحين اكتفى من عطاءي واهتمامي الذي كان منصبا فيه دون غيره، حتى نفسي لم أكن التفت إليها، وبعد خمس سنوات تحسنت كل أحواله، حينها تغير ثم أساء إلي وتركني وذهب..!”، سألتها بتهكم واستنكار: “ماذا تنتظرين من ظالم استحل أذاك دون ذنب فعلتيه، مجرد كليا من ضمير يأنبه وخلق يمنعه، وخوف من عقاب خالقه !؟ وهل هناك صحوة.. لمن كان الاستعطاف الماكر طريقه للاستحواذ على قلوب الناس وكسب ودهم ومساعدتهم !؟ وهل من عودة.. لمن كان الكذب والخداع رداءه !؟ وهل هناك رجاء.. فيمن فقد معية رب السماء!؟ وهل هناك أمل.. فيمن لم يخشَ دائرة الدوائر!؟ اتقوا الله في أنفسكم ونساءكم أيها الرجال، فقد قال ﷺ: (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج الضلع أعلاه)، وقال: (إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”.