مقالات
أخر الأخبار

مسعد حسني عبدالمقصود يكتب نحو الهدف

الأمة العربية وحقبة ترامب الثانية

بلغة واثقة، وتعبيرات رصينة، ووعود براقة، جاء خطاب الفوز للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بشكل أدهش جميع المتابعين، ليس فقط في داخل الولايات المتحدة، بل وفي دول العالم أجمع، لما تتضمنه من رسائل غلبت عليها الحكمة والهدوء والثقة.

وقد حقق ترامب بهذا الفوز ما لم يحققه أي رئيس أميركي من قبل، وهو الفوز بالرئاسة لولايتين غير متتاليتين، فضلاً عن تحقيق نتائج مبهرة سواء على صعيد التجمع الانتخابي، أو على المستوى الشعبي بفارق شاسع عن منافسته كامالا هاريس، بلغ ما يقرب من 6 ملايين صوت.
ووفقا لنتائج الانتخابات، يتضح جلياً أن ترامب سيعود مجددا إلى البيت الأبيض وفي يديه ما يمكن تسميته “عصا سحرية” لتحقيق ما يحلم به، لاسيما بعد المكاسب الكبيرة التي حققها الجمهوريون في انتخابات مجلسي الشيوخ والبرلمان، وهو ما يعني تمرير القوانين التي يريدها من الكونجرس بأريحية كبيرة.
على صعيد منطقة الشرق الأوسط، استقبلت الجماهير العربية نتائج الانتخابات الأميركية بتناقض كبير يجمع بين الخوف والتفاؤل، ومع ذلك من الصعب التنبؤ بما ستكون عليه العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية في المرحلة المقبلة، فتجربة الولاية السابقة للرئيس ترامب تشير إلى أن نجاح العلاقات المشتركة سيعتمد بشكل مباشر على الثمن المدفوع من كلا الطرفين سعياً لتحقيق الغايات والأهداف التي تحظى بالتوافق فيما بينهما.
وقد بات واضحاً أن إدارة ترامب لن تكترث في تعاملها مع أي قضية إقليمية أو دولية إلا بما يتعلق بمصالح أميركا، مهما احتدم الصراع أو برزت الخلافات والنزاعات في أي بقعة من العالم، وهو ما أعلنه الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية بأنه لو كان رئيسا خلال السنوات الأربع الماضية لم حدثت الحروب في أوكرانيا أو فلسطين أو لبنان أو غيرها.
شعبياً، لا يمكننا تجاهل مدى الإحباط الذي أصاب الشعوب العربية جراء كثير من مواقف إدارة ترامب السابقة وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وقراره الصادم بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، رغم زيارته التاريخية التي سبقت ذلك إلى الرياض واجتماعه مع قادة الدول الخليجية وعدد من قادة الدول العربية.
وبناء على ذلك، إذا كانت المصالح الأميركية ستكون هي الشغل الشاغل لإدارة ترامب عند تعاملها مع أي قضية إقليمية أو دولية، فعلى قادة دولنا العربية أن يدركوا تماماً أن شعوبهم لن تقبل بأي تساهل أو تفريط في قضيتهم المستحقة والعادلة، وهي القضية الفلسطينية التي كانت وستظل في مقدمة أولوياتهم.
كما أن تحديات المنطقة لا تنحصر في القضية الفلسطينية فقط، ورغم أن دول الخليج قد استفادت من تعاونها السابق مع ترامب، لاسيما فيما يتعلق بالمواقف ضد إيران، وتعزيز الشراكات العسكرية والاقتصادية والأمنية، في حين حققت مصر والأردن مزيدا من التقارب مع واشنطن، في محاربة الإرهاب وقضايا الأمن والتنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الإقليمي، فإن تواصل هذا التوافق يتطلب تحقيق خطوات إيجابية على أرض الواقع في مختلف القضايا، ولابد أن يكون هناك توازن مقبول بين ما تقدمه الدول العربية وما تحصل عليه من دعم حقيقي لقضاياها، فلا مجال مجددا لأي عطايا ثمينة مقابل وعود براقة سريعاً ما تكشف الأيام أنها وعود وهمية… اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى