ورقة جديدة رابحة.. كيف فاز ترامب بأصوات العرب لرئاسة أمريكا؟
بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024، لعب العرب في الولايات المتحدة دورًا بارزًا، خاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان، المعروفة بأنها “مركز العرب والمسلمين”.
شكّل تصويت العرب ورقة رابحة استغلها ترامب لتحقيق النصر، رغم أن مواقفه تجاه العرب والمسلمين لم تتغير جذريًا. ومع ذلك، حاول خلال حملته استقطابهم، خاصة في ولاية ميشيغان، التي كانت حاسمة في تعزيز فرصه الانتخابية.
ويقول مهدي عفيفي المحلل السياسي الأمريكي وعضو الحزب الديمقراطي، إن العوامل الحاسمة لفوز ترامب بأصوات العرب، تمثلت في قدرته التواصل المباشر معهم، كما أنه تعامل مع العرب بشكل أفضل من هاريس، التي كانت تفتقر إلى الاهتمام الفعلي بالقضايا العربية والإسلامية، ما دفعهم إلى التصويت بشكل قوي للرد على تجاهلها لهم.
وكان ناشطون عرب، عبروا عن إحباطهم من أن هاريس، تجاهلت مرارًا القضية الفلسطينية خلال تجمعات للحزب الديمقراطي، ما دفعها في النهاية لتكرار دعوات سابقة إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وعودة الأسرى، كما أنها أعلنت دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بينما تؤيد أيضاً حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وقال عباس علوية، المؤسس المشارك لحركة “غير ملتزم” الوطنية التي حشدت أكثر من 750 ألف ناخب للاحتجاج على السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، إن هاريس أضاعت فرصة لكسب هؤلاء الناس، الذين يعيش كثير منهم في ولايات مهمة مثل ميشيجان وويسكونسن وبنسلفانيا وأريزونا.
وردًا على تجاهل هاريس للقضية الفلسطينية، قرر العرب أن يبعثوا برسالة انتخابية قوية، لمعاقبتها، ما انعكس في أصواتهم لصالح ترامب وجيل ستاين من حزب الخضر، حسب ما أفاد به مهدي عفيفي عضو الحزب الديمقراطي.
ويرى عفيفي أن دعم الجالية العربية لترامب جاء برغم سياساته تجاه العرب خلال فترة رئاسته الأولى، إذ كان قد أصدر قرارًا تنفيذيًا يمنع مواطني 7 دول عربية، منها اليمن، من دخول الولايات المتحدة.
ويوضح عضو الحزب الديمقراطي، أنه برغم إلغاء القرار لاحقًا لعدم دستوريته، لكنه آنذاك أثار استياءً واسعًا بين المجتمعات العربية والمسلمة، حتى أن وعود ترامب بحل القضية الفلسطينية كانت بلا خطة واضحة، ما جعل الكثيرين يشككون في جديته.
وعن تأثير العرب في الولايات المتحدة، يقول عضو الحزب الديمقراطي، أنهم أثبتوا قدرتهم في التأثير على الانتخابات الأمريكية، خاصة مع المفاجأة الكبيرة بتوجههم لصالح ترامب، ورغم ذلك، أكد أن هناك عملًا طويل الأمد لتحقيق تأثير حقيقي ومستدام مشابه لجماعات الضغط الأخرى في الولايات المتحدة، حسب رأيه.
قضايا العرب والمسلمين
تَمَرَّد معظم المؤيدين الديمقراطيين من العرب والمسلمين على الحزب الديمقراطي، وخصوصًا على كامالا هاريس، بسبب تركيزها خلال حملتها على قضايا مثل الإجهاض، والمتحولين جنسيًا، وسياسات الهوية، التي تتعارض مع الخلفية الثقافية والدينية المحافظة لديهم واهتماماتهم بالقضايا الأسرية والمحلية.
علاوة على ذلك، فإن العرب والمسلمين أصيبوا بخيبة أمل من وعود الحزب الديمقراطي، التي لم تلبِّ تطلعاتهم الاقتصادية أو الاجتماعية، ما جعلهم يشعرون بأن سياسات الحزب الجمهوري تتماشى بشكل أفضل مع مصالحهم، وفق ما ذكرته خبيرة العلاقات الدولية إيرينا توسكرمان
وتوضح خبيرة العلاقات الدولية، أن ترامب وحملته الانتخابية تعاملوا مع العرب باحترام وفهموا بشكل مخاوفهم بشأن إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، إلى جانب مخاوفهم بشأن الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما كانت سياسات هاريس محورية في تأثيرها على دعم العرب والمسلمين لها، فقد رفض عدد كبير منهم التصويت لها بسبب تحيزها وسياساتها تجاه إسرائيل وغزة، حسب إيرينا توسكر مان.
كامالا هاريس
وعلى الصعيد الآخر، تقول مان، إن الجاليات العربية كانت مطمئنة برسائل ترامب المتكررة حول التزامه بإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط، إذ ذكرت تقارير عدة تفيد بأنه طلب من إسرائيل إنهاء الحروب في غزة ولبنان.
ورغم القلق الأولي بشأن خطابات ترامب المثيرة للجدل تجاه المسلمين خلال فترة ولايته الأولى، فقد خفّت هذه المخاوف مع تحسن لهجته في خطاباته، ودعمه للقادة في الشرق الأوسط، إضافة إلى إنجازات اقتصادية وأمنية استحسنها الناخبون، وفق ما أفادت به خبيرة العلاقات الدولية.
أوضحت إيرينا توسكر مان أن القضايا الاقتصادية والاجتماعية كانت العاملين الأكثر تأثيرًا في خيارات التصويت للمسلمين العرب في أمريكا، متفوقين على السياسة الخارجية.
واختتمت حديثها أنه يمكن اعتبار التصويت العربي أحد العوامل المؤثرة في فوز ترامب، خاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان، ومع ذلك، فإن عدد السكان العرب الأمريكيين لا يتجاوز 5 ملايين شخص، وبالتالي لم يكن التصويت العربي وحده كافيًا لتحقيق فوز ساحق.