سعاد فهد المعجل تكتب: الحملة السفيهة على الوافدين
استنكرت الكاتبة سعاد فهد المعجل الهجوم على الوافدين في الكويت بوجه عام، مشيرة إلى أن البعض ادعى أن سيدة مصرية في الهلال الأحمر الكويتي،ا تُحقّق مكاسب من وراء تطوعها، ليهاجم الوافدين المصريين في الكويت.
جاء ذلك خلال مقال بجريدة القبس تحت عنوان “الحملة السفيهة على الوافدين” نصه كالتالي:
يُعتَبَر الهلال الأحمر هيئة مستقلة، لا انتماء لها بخلاف الإغاثة الإنسانية، والهلال الأحمر الكويتي ليس استثناء هنا، ودوره الرائد في دعم البشر، وبغض النظر عن هوياتهم العرقية أو الطائفية، يَشهَد له القاصي والداني، ومعروف عن كل «الهلالات» العربية أنها دائمة التنسيق والتعاون في ما بينها لدعم جوانب إنسانية في بقاع كثيرة من الأرض، ففي مارس الماضي تَعاوَن الهلال الأحمر الكويتي مع الهلال الأحمر المصري لتوفير المساعدات الغذائية والطبية والمستلزمات الضرورية للفارين والأشخاص المُتأثرين جراء الحرب في أوكرانيا.
مؤخراً تناول بعض الجهلاء قصة سيدة مصرية في الهلال الأحمر الكويتي، مُدّعين أنها تُحقّق مكاسب من وراء تطوعها، وذلك في تصعيد جديد أصبح يُمارسه البعض في الكويت ضد الوافدين، وبالذات الأخوة المصريين منهم.
الحملة السفيهة على الوافدين بدأها بعض السياسيين الجُهلاء، ومن ثم ألقوا بها في بحر شبكات التواصل الاجتماعي، التي غالباً ما تُديرها الإشاعات والأقاويل المُفَبرَكة، بحيث أصبحت ككرة الثلج التي ضاعَفَت كارثة كورونا من حجمها، وبشكل أصبح يستدعي وقفة حكيمة ونافذة من الدولة بكل أجهزتها.
الجالية المصرية كانت لها حصة الأسد من تلك الإشاعات والهجوم، ولنَفتَرض جدلاً هنا أن ألف مواطن مصري قد استغلوا وجودهم في ممارسات استفزازية ضد الكويت أو في ارتكاب جرائم مختلفة، فإن ذلك لا يعني على الإطلاق أن تُؤخَذ جالية محترمة ومُنتجة يتجاوز تعدادها الستمئة ألف بجريرة مجموعة صغيرة لا تُشكّل رقماً حقيقياً.
لا شك بأننا جميعاً نحترم قرار الدولة الداعي الى تكويت وتمكين الكوادر الوطنية، لكن ذلك يبقى في إطار التمني حالياً، الذي لا يستند إطلاقاً الى واقع نتّفق عليه جميعاً، فحين صَدَرَ في عام 2017 قرار الخدمة المدنية الداعي إلى تحديد نسبة الوافدين في الوظائف الحكومية، أربك ذلك القرار الكثير من الإدارات، وخاصة الصحية منها والتعليمية، فالكويتيون لا يُشكّلون على سبيل المثال سوى نسبة ضئيلة للغاية في تخصّصات مثل الفيزياء والرياضيات والعلوم بكل أشكالها.
لقد شكّلت مثل هذه القرارات العاطفية، التي لا تَستَند إلى أرضية صلبة من الواقع، إرباكاً في نظام العمل واحتياجاته الفعلية، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، خاصة في ظل تزايد احتياج الأخير إلى عدد كبير من الوافدين، مما يجعل الاستغناء عنهم مرحلياً أمر مستحيل تقريباً.
الحكومة لديها مشروع لتخفيض نسبة الوافدين قياساً بعدد السكان من %70 إلى %50 خلال 6 سنوات، وهو مشروع غير قابل للتطبيق، ويستطيع أي مواطن، ومن دون دراسات ولا أرقام، أن يؤكّد حقيقة ذلك، فلا تزال العمالة الوافدة في كل المجالات مُحَرّكاً رئيسياً لا يُمكن تقليصه بهذا الشكل وفي إطار المدة الزمنية المُعلَنَة، ولعل في تقرير نشرته «ايكونومست انتليجنس» ما يؤكد ذلك، حيث أشارت في تقريرها إلى أن أكثر من %65 من الوافدين في الكويت يعملون ضمن وزارتي الصحة والتعليم في القطاع العام، واللتين من المُرَجّح أن تواجههما اضطرابات تشغيلية بسبب مغادرة العمالة الوافدة في فترة تتجه فيها الجهود الحكومية بشكل متزايد نحو الرعاية الصحية والموارد البشرية.
لقد ساهمَت أخبار كاذبة ومقاطع مُضلّلة سادَت مواقع التواصل الاجتماعي في تأجيج حملة إلكترونية لوقف تأشيرات العمالة المصرية، مما أدى إلى انتشار واسع لإشاعات ومعلومات مَغلوطة، صاحبها تلاسن وإساءات مؤسفة لا تخدم شيئاً.
لقد صاحَبَ حملة بعض الجهلاء على الوافدين، وبخاصة الأخوة المصريين، الكثير من العنصرية المقيتة التي أجّجَت الكراهية وبشكل خطير، وإذا كان هنالك من أساء استخدام الإقامة في الكويت، فإنه في المقابل هنالك عشرات الآلاف من المحاسبين الأفاضل والمستشارين المحترمين، والعمال والفنيين والمعماريين الأكفاء والمعلمين المهرة والأطباء المُتَميزين، ومهن أخرى كثيرة يعمل فيها الوافد وباحترام، سواء كان مصرياً أو من أي دولة شقيقة أخرى.