بينما لم تزُر ملكة بريطانيا الراحلة، إليزابيث الثانية، مصر في أي وقت؛ زارها الملك الجديد، تشارلز الثالث، ثلاث مرات في مراحل مختلفة من حياته.
وفي الـ74 عامًا من عمره، جَلس تشارلز، أمس السبت، على عرش بريطانيا خلفا للملكة إليزابيث خلال احتفال تاريخي ملتزم بالتقاليد الملكية في قصر سانت جيمس بلندن.
ولسنوات كانت صورة “تشارلز” كأمير “غير مستقرة” في أذهان المصريين وغيرهم؛ فطالما ارتبطت تلك الصورة بالأميرة “ديانا”، والتي انتهى زواجه منها بشكل عاصف ودرامي.. لكن يبدو أن الصورة تحسّنت ربما بفعل الزمن أو أن “تشارلز” نفسه قد عززها تدريجيًا.
في أغسطس 1981، أطل الأمير تشارلز، ولي عهد بريطانيا، على مصر لأول مرة. ذلك حين استقر اليخت الملكي في مدينة بورسعيد، التي اشتركت القوات البريطانية قبل 25 عامًا من تلك اللحظة في العدوان عليها بجانب فرنسا وإسرائيل.
كانت زوجته الأميرة “ديانا” ترافقه في تلك الرحلة البحرية لقضاء شهر العسل الذي استمر أسبوعين؛ إذ قبل أيام قليلة، كان العالم أجمع يتابع “حَفل زفاف العَصر” الذي يجري بالعاصمة البريطانية لأمير ويلز صاحب الـ32 عامًا، والليدي ديانا سبنسر البالغة 20 عامًا.
استقبل الرئيس أنور السادات وزوجته السيدة جيهان السادات العروسين في بورسعيد، وأقاما حفل عشاء على شرفهما، مثلما فَعلت الملكة إليزابيث والأمير تشارلز خلال زيارة “السادات” لبريطانيا عام 1975.
كما حصلت “ديانا” على وسام الكمال الممنوح للسيدات اللائي يؤدين خدمات للبلاد أو للإنسانية، وقد حصلت عليه الملكة إليزابيث من قبلها.
وبختام رحلتهما، قَطع “السادات” وزوجته مسافة 640 كم من الإسكندرية إلى ميناء الغردقة ليكونا في توديعهما- حسبما نقلت جريدة الأنباء آنذاك.
وبعد 25 عامًا من زيارته الأولى إلى مصر مع “ديانا”، زارها ثانية لكن مع “كاميلا” وعمره 58 عامًا.
في جامعة الأزهر، وكانت هي محطة “تشارلز” الثانية والأهم، حصل على الدكتوراه الفخرية من رئيس الجامعة، أحمد الطيب، الذي صار شيخا للأزهر الآن.. وكانت تلك الشهادة الأولى التي تُمنح لمسيحي لدعوته إلى التسامح والحوار بين الأديان.
وفي كلمة ألقاها بقاعة الإمام “محمد عبده” أمام حشد كبير، قال إنه “مهتم بإرث ابراهيم الذى يجمع اليهود والمسيحيين والمسلمين.. وأن علينا العودة إلى ما تمتع به العالم الاسلامي فى عصوره الذهبية”، كما تحدث عن رفضه للتطرف.
استقبل الإمام محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر آنذاك، كلمة “تشارلز” بترحيب كبير، فخاطبه قائلا: “سمو الأمير إن التذكير بالمعاني النبيلة والأفكار القيمة هى ثمرة لدراستكم الجادة وتعبيرا عن رؤيتكم الثاقبة وموقفكم الرشيد مما يحدث قى أرجاء العالم بأسره”.
موعده مع مصر بعد 15 عامًا أخرى من آخر زيارة. وقد بات في سن الـ73.
وفمبر العام الماضي، وصلت السيارة السوداء الملكية إلى منطقة الأهرامات. المنطقة شبه خالية والتأمين على أعلى مستوى. هبط منها أصحاب السمو الملكي “تشارلز” و”كاميلا”، دوقة كورنوال، مبتسمين ومستعدين للانطلاق في جولة بالمنطقة التي تمت تهيئتها لهما جيدًا.
كانت الجولة التي استغرقت يومين الأولى لأحد أفراد العائلة الملكية البريطانية منذ جائحة كورونا. وقد التقط الزوجان الصور سويًا في الموقع نفسه التي التقطت فيه الأميرة الراحلة “ديانا” صورها عند زيارتها المنطقة بمفردها عام 1992.
وللمرة الثانية؛ كان جامع الأزهر في مقدمة جدولهما. ثم لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي والسيدة قرينته.