مقالات

إسماعيل عبد الهادي يكتب: أين دور النقابة العامة للمحامين بمصر؟

أين دور النقابة العامة للمحامين بمصر؟ من المعلوم أن أي مهنة لها قواعد وأسس يباشر من خلالها الراغبون في الإنتساب إليها العمل بها ولا يترك الأمر للهوى والميول الشخصية والخروج عن المألوف وبالتالي توجد قواعد قانونية تحكمها علاوة على أعراف راسخة للمهنة ومن تلك المهن مهنة تحقيق العدالة في الدولة سواء وظيفة القاضي والتي يحكمها وينظمها قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972م والمعدل بالقانون رقم 77 لسنة 2019م أو مهنة المحامي والتي يحكمها وينظمها قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983م والمعدل بالقانون رقم 147 لسنة 2019م.

إلا أنه ما نلاحظه في الأونة الأخيرة حينما نعقد مقارنة بين جناحي العدالة بمصر ونفاضل بين ما ينتهجه الغالب الأعظم من القضاة احتراماً لقواعد مهنتهم وبين ما يرتكبه السواد الأكبر من المحامين نلاحظ هوة واسعة بين هذا وذاك فالأول لا يزال إلى حد ما محافظاً على كرامة مهنته وهيبة أعضاءها, بينما الثاني يضرب بكافة قيم المهنة وقواعدها عرض الحائط غير عابئ بما يفضى إليه ذلك من نتائج سلبية وإنهيارللقيمة العليا للمهنة في نظر الناس ومما لا شك فيه أن الثرثرة وكثرة الكلام وحب الظهور للحديث دون حيطة وروية فيه إقلال من شخص الثرثار وغالباً ما يأتي بنتائج عكسية لذلك قيل أن التقدم والحضارة هما نتيجة العبقرية لا نتيجة ثرثرة الأكثرية.

ذلك استهلال تعقيباً على ما انتشر بعد وقوع العديد من جرائم القتل المثيرة بدءاً من فتاة جامعة المنصورمروراً بقضايا مشابهة ثم إنتهاءاً بجريمة مقتل الصيدلي ولاء زايد ونرى المحامون سواء الذين يتولون الدفاع عن طرفي الواقعة أو غيرهم ممن يفرضون أنفسهم وعضلاتهم على الساحة يخرجون على وسائل التواصل الإجتماعي ليتحدثون عن الجريمة وأبعادها وربما الخوض في الأعراض والتطاول دون وجه حق سواء على المتهم وذويه أو المجني عليه وذويه وهو ما يعاقب عليه القانون لاسيما أن القضايا التي يتناولها هؤلاء المحامون عبر وسائل التواصل الإجتماعي لا تزال في طور التحقيقات سواء من خلال رجال الضبط القضائي وما تتطلبه التحريات حول الواقعة أو ما تقتضيه تحقيقات النيابة العامة أو حتى بعد القضاء بحكم محكمة أول درجة فمن المعلوم أن هناك قنوات شرعية قانونية للطعن على الأحكام القضائية ليس من بينها الأحاديث الهوجاء وهو ما لا يجوز إطلاقاً تناوله خلال تلك الفترة الهامة من الإجراءات نهينا عن التدخل السافر ممن يزعمون أنهم إعلاميين ممن لديهم على الفيس قنوات خاصة يبثون من خلالها ما يشاؤن دون رقابة أو ضبط لإيقاع تلك الثرثرة المقيتة ويسعون لجلب عدد كبير من المشاهدة وكم من التعليقات وهؤلاء الأدعياء يخدعون المحامين الذين أتحدث عنهم ويجرون أرجلهم للخوض فيما لا يجوز الخوض فيه علانيةً رغبةً في الظهور ولربما إعتقاد خاطئ بأنهم بذلك يذيع صيتهم ويجلب لهم الموكلين من خلال ذلك الظهور الغير المبرر والمخالف للقواعد القانونية الحقة.

ومن المؤسف أن هؤلاء المحامون إما أنهم جاهلون بالقانون الذي يحكم مهنتهم أو عالمون ولكنهم يضربون به عرض الحائط دون مبالاة فالمادة (70) من قانون المحاماة تنص على أنه: ” لايجوز للمحامي أن يدلي بتصريحات أو بيانات عن القضايا المنظورة التي يتولى الدفاع فيها أو أن ينشر أموراً من شأنها التأثير في سير هذه الدعاوى لصالح موكله أو ضد خصمه”. هذا نص صريح نجد أن المخاطبين به يخالفونه عبر وسائل التواصل الإجتماعي دون حسيب أو رقيب مما يستوجب معه وبصورة عاجلة أن تقوم نقابة المحامين وهي المنوط بها ذلك بإنزال العقوبة المقررة بموجب المادة (98) من قانون المحاماة سالف البيان إن كانت النقابة لديها الرغبة الأكيدة في الحفاظ على المهنة العريقة التي تبواءها ساسة وعمالقة يشهد لهم القاصي والداني قبل إنهيار القيم والتنازل عن الوقار والهيبة والسمت الحسن وإن لم تفعّل النقابة نصوص العقاب فلا تلومن إلا نفسها وضياع هيبة أعضاءها وبالتالي لا تتباكون على ما آل إليه حال المحامين بمصر من عدم الإحترام من الجهات التي يتعاملون معها فمن هانت عليه نفسه فهي عند الآخرين أهون ُ ومن ثم فإن هذا بمثابة ناقوس خطر وضوء أحمر موجه إلى النقابة العامة للمحامين بمصر أن تضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الظهور بمظهر غير لائق من المحامين الذين يصدعون رؤوسنا ليل نهار على وسائل التواصل الإجتماعي يتحدثون ويتناولون قضايا من الواجب وفقاً للقانون ألا يخوضون فيها وإن كان لديهم القدرة على الكلام والفصاحة والبلاغة فمن الأجدر والأولى أن يكون ذلك في باحات المحاكم وعبر قنواتها الشرعية لا عبر وسائل التواصل الإجتماعي, فالدفاع أمام المحاكم شرف ونزاهة وحكمة أما ما يقوم به المحامون من خلال الفيس وما شابه فهو عجز وتفاهة ودونية ومخالفة للوقار المتطلب وضرباً عرض الحائط بقواعد المهنة وللقانون واجب الإتباع وأعراف المهنة القويمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ad 12 all pages
زر الذهاب إلى الأعلى