طيب!!! باب الوجع بقلم : حسام فتحي
لم أسمع عنه منذ سنوات وسط مشاغل الحياة الطاحنة، ولذا اندهشت عندما ظهر رقمه على هاتفي، رددت ملهوفاً.. ومتوجساً أن يكون سوءاً قد ألمَّ به، جاء صوته هادئاً وهو يسأل عن الأحوال والصحة والأهل، وبعد بضع دقائق تغيرت نبرة صوته وهو يعتذر عما سيقوله ويستحلفني بالله ألا أجيب وأنا أشعر بأي حرج، أو تحت فصل «سيف الحياء».. فاستحثثته أن يطلب ما يريد، فكانت المفاجأة، قال: يا صديقي ربما تعلم أنني أملك مصنعاً ومعرضاً صغيرين في مصر، ومنذ شهور توسعت والحمد لله وتعاقدت على توريد أجهزة حديثة ومعدات متطورة، وبعد التعاقد كان لابد أن أحول للخارج دفعات بالدولار، وللأسف الدنيا «اتخلبطت» سعراً وتوافراً للدولار، وبعد أن سددت مقدم الثمن وسعر الدولار حوالي 18 جنيهاً أصبحت مطالباً بسداد الدفعات بسعر يقترب من الثلاثين جنيهاً للدولار ولا أجده، باختصار كل ما أطلبه منك يا صديقي إن أمكن أن تحول مبلغ «…» باليورو من مدخراتك في الكويت إلى مورد الأجهزة في أوروبا، وسأقوم بإيداع المبلغ في حسابك في مصر بالجنيه المصري، حتى قبل أن تقوم بتحويله!
اقرأ أيضا
طيب!!! «العالقون» في الخارج بقلم : حسام فتحي
سادت ثوانٍ من الصمت قبل أن أعتذر لصديقي بسبب عدم امتلاكي للمبلغ المطلوب (ولا حتى 10% منه!) مع وعد بأن أتحدث لبعض أصدقائي الذين يمكنهم المساعدة، شكرني بشدة على اهتمامي وأغلق الخط وتركني أفكر…
أثق تماماً أن الرجل صادق، وأوقن أن لا علاقة له بجماعة الشر ـ ليس مسلماً اصلاً ـ ولا يقوم بأي أنشطة غير مشروعة كغسيل الأموال أو حتى محاولة «دولرة» جنيهاته!
وما طلبه أمر لا يخالف صحيح القانون، وسوف أنفذ وعدي له بمحاولة المساعدة، ولكن ماذا عن «أمثاله» وهم كثر؟ وكيف وصل باقتصادنا الحال أن «يتسول» رجال الصناعة وأصحاب المشاريع المتوسطة هذا «الأخضر الجبار» رغم امتلاكهم لأموال ضخمة بالجنيه المصري؟ وكيف أثر ذلك على الأعمال وعلى أصحاب الأعمال وعلى العمالة وعلى الأسعار في مصر؟ من المسؤول عن الأزمة؟ ومن الواجب عليه حلها؟ أليس كما يقول الكنج منير «اللي فتح باب الوجع.. واجب عليه رده»؟!
وحسناً فعلت الحكومة «الرشيدة» بإعلانها أمس الإفراج عن بضائع محتجزة منذ شهور في الموانئ بقيمة 5 مليارات دولار لإنهاء مأساة احتجاز بضائع بقيمة 14 مليار دولار تراكمت في الموانئ، وتم الإفراج بالتعاون مع القطاع المصرفي لتوفير «الدولار»..
لكن الوضع يظل صعباً، وهو ما يفتح باب الحديث عن «تسرب» رافد مهم لتمويل مصر بالدولار، ألا وهو تحويلات العاملين بالخارج.
وللحديث بقية.. إن كان في العمر بقية.