لا شك أن العالم كله يعاني اقتصادياً بدرجات مختلفة، وأسباب المعاناة معروفة، وعلى رأسها «كورونا» والحرب على أوكرانيا، وما سببتاه من أزمات طالت شتى مناحي الحياة.
وبالطبع تسعى كل حكومة للتعامل مع المعاناة الاقتصادية حسب ما تتفتق عنه أذهان وخبرات «المجموعة الاقتصادية»، وعلى رأسها البنوك المركزية.
وفي مصر المحروسة تم تغيير محافظ البنك المركزي ومعه تغيرت السياسات المالية، وتم «تعويم» الجنيه المصري في مارس 2022 ليصل إلى حوالي 19 جنيهاً، ثم في أكتوبر 2022 ليصل إلى حوالي 24 جنيهاً مقابل الدولار، ونعيش حالياً مرحلة انتظار التعويم الجديد، كما قام البنك المركزي الموقر برفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس لمكافحة التضخم وتحفيز المصريين على «عدم الدولرة» والتخلص من الإقبال على شراء «الأخضر الجبار» وتحويل مدخراتهم الى الجنيه المصري بدلاً من عملة العم سام، وتطبيقاً لطلبات صندوق «النكد» الدولي حتى يرضى عنا ويمنحنا «دُفعة» تحت حساب القرض الموعود.
واستكمالاً لإجراءات مكافحة «الدولرة»، وحفاظاً على كل «دولار» على أرض مصر باعتباره «عملة شديدة الصعوبة»، أصدر البنك المركزي توجيهات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، طبقتها البنوك كل حسب «فهمه» للأزمة، وتقضي التوجيهات بـ «تجفيف» وليس تخفيف استخدام بطاقات السحب الآلي خارج مصر، ورفع «رسوم» استخدام البطاقات الى 10% بعد ان كانت بين 3 – 6%.
وطبعاً تم تنفيذ التوجيهات المفاجئة فوراً، بل وبأثر رجعي، والنتيجة أن المصري المتواجد في الخارج سواء للعلاج أو العمرة أو الدراسة.. وحتى للسياحة فوجئ بأنه لا يستطيع استخدام بطاقة السحب الآلي في مكان تواجده لسداد التزاماته دون إخطار أو تحذير مسبق، مما حوّل كثيراً من المصريين المتواجدين خارج مصر «مؤقتاً» إلى «عالقين» في الخارج يتسولون الدولارات من أصدقائهم وأقاربهم مع وعد بإعادتها فور عودتهم إلى ربوع المحروسة بالرغم من وجود مدخراتهم الضخمة بالجنيه المصري في «حفظ وصون» البنوك التي قررت أن «تجبرهم» على الاقتصاد في المصروفات!!
أعلم أن هناك «حالات» تحايل أصحابها على «السيستم» وسحبوا مبالغ كبيرة بالدولار واليورو وهم بالخارج لسبب أو لآخر، ولكن هل هذا مبرر لمعاقبة الجميع؟!.. ارحموا من في الأرض يرحمنا ويرحمكم من في السماء!!
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
مواضيع متعلقة:
طيب!!! في ذكرى صاحب نوبل بقلم : حسام فتحي